المتأمل للمشهد العام في طول البلاد وعرضها يرى السواد الأعظم من الناس يعيشون حالة فقر مدقع، بعضهم يرتاد صناديق الزبالة ليلا، والبعض الآخر يعيش على وجبة واحدة في اليوم، والبعض الثالث يقفلون أبوابهم على أنفسهم ولا يعلم بحالهم إلا الله.
وفي الجهة الأخرى المظلمة من المشهد نسمع عن أشباح لا نراها، يقال عنهم نخبة، لا نعلم أخبارهم إلا من تهانٍ وتعازٍ واجتماعات لا تحمل جديدًا، فهي لا تتناول معاناة هذا السواد الأعظم ولا تضع حلولًا تكشف عن ضوء في آخر
النفق الطويل، وهنا يتبادر إلى أذهان الناس السؤال التقليدي المشروع (ذولا يشتغلوا مع من؟) وماذا يفعلون في أروقتهم المجهولة؟
تسرب إلى مسامع الناس أنه يجري في أحد أوكار الأشباح إياها أن هناك توجه لتكريم عشر نساء، وأنه يجري الترتيب لإقامة حفل التكريم في لندن، وقيل، والعهدة على الراوي، إنهم لم يحصلوا على موافقة الاستضافة من السلطات البريطانية، نحن لم نصدق ذلك لكن أحد الخبثاء قال (ياخي طالما سمعت بأذنك أن الرئيس قال، دفعنا مليار ريال لشراء ساندويتشات روتي وفاصوليا للفقراء فلماذا لا تصدق أن هناك حفل تكريم في لندن؟).
سياسي كبير، سنًا ومقامًا، قال إن اليمن بحاجة إلى دولة (كيوت) تحكمها نخبة يختارها الناس، بس نحن بدورنا نذكره أن اليمن يشهد حروبًا لم ينطفِ أوارها، ليس دفاعًا عن مشاريع وطنية وإنما صراعًا على السلطة ولا يستقيم الحديث عن دولة (كيوت) في بلاد تقوم على مبدأ (إذا ما عندك سلاح ما حد يسمع صوتك حتى لو كان صوتك صوت حمار وبميكروفون كمان).
نحن نعيش حالة من الفراغ النخبوي، فمعاناة السواد الأعظم من الناس لا أحد يتحدث عنها، بجملة أخرى، هذا السواد الأعظم من الناس ينتظر من يأتي ليحمل همومه وسيلتف حوله، بغض النظر عن توجهه أو مشروعه السياسي، فحيث تغيب أنت يتواجد غيرك حتمًا وهذا من سنن الحياة.