قيل إن فارسًا شاهد في البرية عصفورًا صغيرًا يفترش الأرض على ظهره ورافعًا ساقيه إلى الأعلى، فسأله الفارس عن سبب هذا الوضع الغريب فرد العصفور: قيل السماء ستسقط! فسأله الفارس: وهل تظن أن ساقيك ستمنعان السماء من السقوط؟ فقال العصفور: لو كل منا فعل ما يستطيع فقد نمنع سقوطها.

لكن جدتي، رحمة الله تعالى تغشاها، لها رأي آخر، فهي تردد دائمًا مقولة (إذا سقط السماء فلن يصيبك منه إلا بحجم رأسك) وكأني بها تقول: انتبه لرأسك وسيبك مما عداه.

الواقع أن كل من النظرتين لها وجاهتها وإن كان رأي جدتي يؤثر السلامة ويدع الخلق للخالق، لكن هناك خطر حتمي سيأتي إذا كلنا آثر السكوت والسلامة وقد نجد أنفسنا في أتون هياج جوعى لا تنفع معه شعارات العواطف الحوثية ولا خطابات الوعود الشرعية الكاذبة وسيبحث كل منهما عن ملاذ آمن ويتركون الناس تأكل بعضها.

ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد سمعت أحد المتثيقفين في صنعاء يبرر نجدة غزة بأنه واجب ديني، ونحن نتفق معه في ذلك، لكن ألا يستحق أطفال صنعاء النجدة أيضًا، فهؤلاء الأطفال يتسابقون على صناديق القمامة، بل وهجروا التعليم بفعل ضغط الحاجة وفقر عائلاتهم؟ ونذكر صاحبنا المتثيقف بمقولات السلف الصالح (إن ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع) و (حيثما يوجد صالح الناس فثم شرع الله).

من المضحكات أننا شاهدنا ذات أخبار لمسؤولين من الشرعية في لقاء مع زعيم خليجي، وكان هذا الزعيم يرتدي الزي الشعبي لبلاده المكون من قطعة واحدة فيما يرتدي وفد الشرعية ملابس من أفخر الماركات العالمية لدرجة أن أحدنا يحتار في التمييز بين الشحات والمشحوت منه.

أتذكر أننا كنا في نقاش في إحدى مساحات تويتر وكان ضمن فحوى النقاش تنبؤات العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف حول أن الأستاذ محمد سالم باسندوة هو رجل السلطة القادم، وهذا ليس إقرار بالتنبؤ بطبيعة الحال، لكن القائد القدوة ضرورة للخروج من حالة اللا دولة واللا حرب واللا سلم واللا نهاية، فبول كيجاما أخرج رواندا من دولة غارقة في الدماء إلى (سويسرا أفريقيا) ونيلسون مانديلا أخرج جنوب أفريقيا من أبشع نظام فصل عنصري إلى نموذج للتعايش، ونحن لا نرى قدوة في وجوه المشهد في اليمن حتى الآن.

يكاد أحدنا يجزم أن الأطراف التي تحارب الحوثي أكثر قلقا من نهاية الحرب من الحوثي نفسه، فالحوثي اختار الحرب حتى النهاية فيما الأطراف اليمنية التي تقف في الطرف الآخر ستجعلها نهاية الحرب تخسر كل امتيازات الترف التي تمتعت بها طوال سنوات الحرب بما فيها رحلات الطائرات (الشارتر) لحضور حفلات الأعراس الخرافية، والحديث يطول..