> عدن "الأيام" خاص:

السمسرة وفوضى الجوازات تضاعف معاناة المواطنين على أبواب الهجرة
> يشهد مبنى الهجرة والجوازات في العاصمة عدن، كل يوم، ازدحامًا خانقًا للمواطنين، في مشهد يطرح العديد من التساؤلات حول أسباب هذا التدافع الكبير للحصول على وثائق السفر.

ورغم الشكاوى المتكررة من المواطنين بشأن انتشار أعمال السمسرة والمتاجرة بالجوازات، التي ترفع الكلفة المالية وتضيف أعباء جديدة على كاهل طالبي الجواز، إلا أن الإقبال ما زال شديدًا. يُشير هذا الإقبال إلى حاجة ملحَّة لدى المواطنين للسفر، مهما كانت التكاليف، في ظل ظروف صعبة تواجهها العاصمة عدن من كافة المناطق في الجنوب والشمال.

وأكد بعض المواطنين أن الوسطاء أصبحوا جزءًا من المشهد اليومي أمام المبنى، مما يعكس ضعف الرقابة وغياب التنظيم.

يبدو أن الازدحام يُجسِّد فرضية مفادها أن الشعب بأكمله يسعى إلى مغادرة البلاد. ففي ظل تدهور الأوضاع المعيشية، وارتفاع معدلات البطالة، وتراجع الخدمات الأساسية، باتت مغادرة اليمن بالنسبة للكثيرين بمثابة طوق النجاة. يقول أحد المواطنين المنتظرين: "الحياة هنا أصبحت لا تُطاق. نريد فقط فرصة لبناء مستقبل أفضل لنا ولأطفالنا بعيدًا عن هذه المعاناة."

وتُثار تساؤلات حول الجهة المسؤولة عن هذا الازدحام الكبير؛ إذ يُلقي بعض المواطنين باللوم على ضعف الإدارة والتنظيم داخل مكاتب الهجرة والجوازات، حيث تُفتقر العملية إلى آليات حديثة تُسهل الإجراءات وتخفف من التدافع. من جهة أخرى، يرى آخرون أن السلطات المعنية تتحمل المسؤولية نتيجة تقاعسها عن تحسين الأوضاع العامة في البلاد، مما يدفع الناس إلى البحث عن فرص خارجية بأي ثمن.

المشهد في عدن لم يقتصر على سكان المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية فحسب، بل أن عددًا كبيرًا من المراجعين قادمون من مناطق سيطرة الحوثيين. هؤلاء يجدون في عدن الخيار الوحيد للحصول على جوازات سفر بسبب تعقيد الإجراءات أو منع إصدار الجوازات في مناطقهم، حيث قال أحد القادمين من صنعاء: "قطعنا مسافات طويلة لنصل إلى هنا، وكل ذلك بسبب انعدام الخيارات في مناطقنا. نحن نتحمل مشقة السفر والانتظار لساعات طويلة بسبب هذا الوضع".

في المقابل أوضح المسؤول الإعلامي لإدارة أمن عدن، خالد السنمي، خلال زيارة قام بها لمبنى الهجرة والجوازات في مديرية صيرة، أنه لاحظ ازدحامًا شديدًا في الصالات، حيث كانت ممتلئة بمواطنين من مختلف الفئات العمرية ومن الجنسين، الأمر الذي يعكس تزايد الإقبال على استكمال إجراءات السفر.

وأشار السنمي إلى الجهود الكبيرة التي يبذلها الضابط داؤود سليمان، مدير صالة الجوازات، حيث يعمل بتفانٍ لتنظيم الإجراءات وتسهيل معاملات المواطنين، متحليًا بالابتسامة والكلام الطيب، رغم الضغوط الكبيرة التي يواجهها مع زملائه. وأكد أن هذا الأداء الراقي نال استحسان جميع الحاضرين الذين عبروا عن امتنانهم بدعواتهم الصادقة.

واختتم السنمي تصريحه بالتعبير عن تقديره للضابط سليمان، مشيدًا بمستوى الأخلاق العالية والتواضع والإخلاص الذي أظهره في أداء عمله، معتبرًا أن هذه الصورة الإيجابية تعكس نموذجًا مشرفًا لرجل الأمن الجنوبي. كما دعا إلى تسليط الضوء على كل من يؤدي عمله بضمير لخدمة الوطن والمواطن.

إن مشهد الازدحام أمام مبنى الهجرة والجوازات في عدن يُمثل صورة مصغرة للأزمة الشاملة التي تعيشها اليمن ومع استمرار الوضع على ما هو عليه، يبقى السؤال: هل يمكن إيجاد حلول حقيقية تُخفف من معاناة المواطنين؟

وللتخفيف من هذه الأزمة، يجب اتخاذ عدة خطوات عملية، أبرزها:

تعزيز الرقابة على أعمال السمسرة والمتاجرة بالجوازات.

تحسين آليات إصدار الجوازات من خلال اعتماد أنظمة إلكترونية حديثة تُسهل الإجراءات.

فتح مكاتب بديلة لتوزيع الضغط عن مكتب عدن.

العمل على تحسين الظروف المعيشية لتقليل الحاجة الملحة للسفر.