أن القراءة الفاحصة لتصريحات الزبيدي الأخيرة تقتضي التمييز بين القبعات الثلاث، التي تناوب على أرتدائها في دافس:
1- قبعته كرئيس للمجلس الانتقالي الجنوبي، و ذلك من خلال تطرقه إلى إنتهاء الوحدة اليمنية، والأهم موقفه من خارطة الطريق السعودية التي حكم عليها بالموت.
2- قبعته كعضو المجلس الرئاسي اليمني، وحديثه عن استراتيجية الردع الشامل ضد الحوثي.
3- قبعته الشخصية كزعيم سياسي يراهن على ترامب - و يكن له الاعجاب على الصعيد الخاص- ويرى في ولايته الراهنة مدخل محتمل لتغيير معادلة الصراع.
بمعنى ادق يقول الزبيدي للخارج و للداخل: نحن مستعدون للعمل بصوره جماعية تعاونية ضمن معسكر الشرعية في حال كان التوجه الاقليمي والدولي نحو منازلة الحوثي.
ومستعدون للعمل بصوره احادية تصعيدية في حال كان التوجه الدولي والإقليمي نحو احياء خارطة الطريق ومكافأة الحوثي.
والعامل الحاسم اليوم بين ترجيح النهج التكاملي أو بين العودة للنهج التعطيلي: هو موقف ترامب!
لقد حاول الزبيدي من خلال تصريحاته أن يوائم بين المتغيرات الاقليمية والدولية من جهة، وبين مقتضيات الازمة اليمنية من جهة ثانية، و بين التزامات القضية الجنوبية من جهة ثالثة وقد وفق في ذلك الى حد كبير.
لكن، وبعيدا عن مفردات الخطاب السياسي، فان قيادة المجلس الانتقالي تبدو مدعوة اليوم -على وقع تصريحات الزبيدي - إلى التفكير استراتيجيا في مسألتين هامتين:
هل من السديد استمرار المراهنة على الخارج خلال العام 2025، رغم ما اثبتته الوقائع من محدودية هذا الخيار خلال 2024؟
وايهما يجب أن ياتي أولا: مطالبة المجتمع الدولي بدعم "استراتجية الردع المتكامل"، أم شروع أصحابها في تطبيقها بصورة تكاملية وانتزاع ثقة العالم بها؟
إلى أي مدى يمكن الاطمئنان الى موت خارطة الطريق في ظل بيئة اقليمية تتسم بالتقلب وعدم اليقين ، وفي ظل بروز بعض الشواهد التي تفيد باحتمالية عودتها بزخم اقوى؟