بالرغم من الحالة الاقتصادية والمعيشية والخدماتية المزرية التي تعيشها عدن، إلا أن المدينة تشهد طفرة غير عادية في حركة شركات الصرافة وبناء المولات والفنادق الفخمة وهذه خطوة جيدة لحركة الاستثمارات وإنعاش اقتصاد البلاد وبطاقة تعريفية للعالم على أن حالة الأمن والاقتصاد نسبيًا مستقرة، لكن السؤال هو هل السلطات اليمنية على علم بمصادر أموال هذه الاستثمارات؟

هل تعلم السلطات في عدن ماهي علامات غسيل الأموال في المدينة وبقية المناطق المحررة أم تتجاهلها؟ هل تعلم السلطات أن اتجاهات غسيل الأموال في الوقت الحاضر تتركز في بناء العقارات والتحويلات المالية الكبيرة ونقل مبالغ ضخمة من الأموال عبر محلات الصرافة أو الحدود دون مبرر واضح؟ وأن من علامات غسيل الأموال هي النشاطات التجارية غير المتناسبة وظهور شركات أو أعمال صغيرة تحقق أرباحًا كبيرة وغير متناسبة مع حجمها وهي حاصلة كذلك في استثمارات مشاريع حكومية من خلال تقديم عطاءات لمشاريع كبيرة مع عدم وجود خبرة أو قدرة واضحة على إنجازها.

لا أدري لماذا قانون رقم 39 لعام 2006 بشأن مكافحة الفساد ساري المفعول حتى الآن إذا كانت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد ترى بأنه لا يوجد فساد أو فاسدين، كذلك لا أدري لماذا تم إصدار قانون رقم 35 لعام 2003 بشأن مكافحة غسل الأموال وإصدار محافظ البنك قرارا رقم 48 لعام 2003 بإنشاء وحدة جمع المعلومات لعمليات غسل الأموال إذا كانت القضايا المعروضة في غسيل الأموال لا تذكر ولم يقبض على أي شخص في مثل هذه الجرائم.

البعض يتحدث بأن غسيل الأموال والفساد تعدى حدود الدولة وأصبح يتفاعل بشكل مشترك ما بين مؤسسات الدولة مع بعض سفاراتنا ودبلوماسينا في الخارج، كذلك في داخل المناطق المحررة هناك بعض من أمراء الحرب والجهات تتحصل يوميًا على مئات الملايين من ريالات الجبايات والإيرادات والجمارك ومن النظام الضريبي المضروب ابتداء من ضريبة آفة القات وحتى حبة الشوكلاتة، أموال غالبيتها لا تدخل إلى خزينة الدولة إلا أن غسيلها يتم بوتيرة عالية في سياقات اقتصادية رسمية وغير رسمية.

هل تستطيع الأجهزة المسؤولة عن مكافحة غسيل الأموال والفساد في المناطق المحررة أن تذكر مثالا واحدا على قضايا قانونية ناجحة ضد غسيل الأموال والفاسدين، لأن الإعلان عن نجاح مثل هذه المسائل مهمة جدًّا محليًّا وإقليميًّا ودوليًا، وبمثابة ضمان الأمن المالي والاقتصادي للدولة ولعلاقاتها المالية مع دول العالم، بينما عكس ذلك من شأنه وقف التعاون الدولي مع اليمن في مكافحة غسيل الأموال والفساد وتسهيل خروج اليمن من النظام المالي العالمي وبقاء حركة العملة اليمنية وغسيلها في أيدي أمراء الحرب وتجار المخدرات.