في مشهدٍ يختزل مأساة إنسانية وسياسية معقدة، يغرق الجنوب العربي في دوامة من الانهيارات المتلاحقة، حيث تتحول الحياة اليومية للمواطن إلى معركة للبقاء. بين صراعات السلطة وغياب الرؤية، تتبدد أحلام الجنوبيين في الاستقرار والتنمية، بينما تتراكم الأسئلة حول مستقبل شعب وأرض تُعتبر مفتاحاً لأي حل شامل للصراع في المنطقة. فهل ما يحدث هو نتاج إخفاقات محلية فقط، أم امتداد لصراعات إقليمية ودولية تُدار على أرض الجنوب؟
لا تقتصر الأزمة في الجنوب على مجرد نقص الخدمات الأساسية، بل هي انهيار متكامل لمنظومة الحياة. وفقاً لتقارير محلية، يعيش أكثر من 80% من سكان الجنوب تحت خط الفقر، بينما تصل نسبة البطالة إلى مستويات قياسية تتجاوز 60% بين الشباب. هذا الواقع ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج عقود من الإهمال الممنهج الذي أداره الاحتلال اليمني بكل أشكاله، وتفشي الفساد في مؤسسات السلطة، وسيطرة القوى الفاسدة على الموارد.
الحكومة الشرعية، التي يفترض أنها المعترف بها دولياً، تبدو عاجزة عن إدارة ما تبقى من مؤسسات عامة. بل، إنها تحول موارد الجنوب لتمويل اتباعها من اليمنيين الموزعين في عواصم العالم، مما يغذي السخط الشعبي في الشارع الجنوبي.
مع أن المجلس الانتقالي الجنوبي نجح في ترسيخ وجوده السياسي والعسكري كلاعب رئيس في الصراع، إلا أن أداءه الداخلي يثير قلقًا كبيرًا لدى الجمهور الجنوبي. فسيطرته العسكرية على عدن وأجزاء كبيرة من محافظات الجنوب لم تترجم إلى واقع تنموي وتحسُّن ملموس في حياة الناس، بل ظلت الحلول "الترقيعية" سيدة الموقف في مواجهة الأزمات.
الأسئلة تتصاعد همسًا وعلنًا : هل يعاني المجلس من نقص الكفاءة، أم أن أولوياته مهتمة بالصراع السياسي على السلطة، تاركاً الشعب الجنوبي فريسة لقوى يمنية وجنوبية متيَّمننة تعمل على إخضاعه؟ يرى بعض الجنوبيين أن المجلس، رغم خطاب "استعادة دولة الجنوب"، يفتقر إلى رؤية تنموية تلامس معاناة الناس اليومية. لقد أصبح يُدار كمنصة سياسية تفاوضية لضمان حصته في أي تسوية مستقبلية، بينما يُترك المواطن لمواجهة أزمات قاتلة، انقطاع الكهرباء لأيام طويلة، وانهيار نظام الأمن الغذائي، وتفشي الفساد في مؤسسات التعليم والصحة.
مما لا شك فيه، العجز لا يقتصر على الأطراف المحلية؛ فالمجتمع الدولي، الذي يُنفق المليارات على المساعدات الإنسانية، يذهب جلها في كواليس الفساد البيروقراطية، وتتهم منظماته بتجاهل الجذور الهيكلية للأزمة. برامج الإغاثة أصبحت جزءاً من اقتصاد الحرب وفسادها، تُدار عبر قنوات مشبوهة تُغذي النخب الفاسدة. وفي الوقت نفسه، تُختزل الحلول في مؤتمرات لا تتعدى بياناتها الإعلامية، بينما تُحبط أي مبادرات جادة لإعادة الإعمار خلف أبواب المصلحة السياسية.
لم يعد الجنوبيون ينتظرون خططاً إنقاذية من النخب الفاشلة، بل يجب البدء بصياغة مطالبهم عبر حراك مجتمعي متصاعد ومنظم يسعى إلى:
- إنهاء الاستقطاب السياسي الذي حوَّل الجنوب إلى ساحة لتصفية الحسابات.
- تقديم مشروع تنمية يعيد بناء البنية التحتية، ويوفر فرص العمل، ويُعيد الروح لقطاعات الزراعة والصناعة.
- محاسبة الفاسدين ومصادرة الأموال المنهوبة، والتي تُقدَّر بمليارات الدولارات.
- ضمان تمثيل حقيقي لشعب الجنوب في أي مفاوضات سلام، بعيداً عن الوصاية الخارجية.
التجاهل المتعمد لأزمة الجنوب لن يؤدي إلا إلى تفجير الوضع بشكل غير مسبوق. فالشباب العاطل، الذي أنهكته الحرب، بدأ يفقد آخر بقايا ثقته بالطبقة السياسية، وقد تتحول الاحتجاجات السلمية إلى تمردات مسلحة ضد جميع الأطراف. كما أن استمرار تدهور الخدمات العامة في ظل انتشار الأوبئة، وانهيار المنظومة التعليمية ينبئ بخطر محدق يهدد مستقبل شعب الجنوب.
الجنوب العربي لم يعد يحتمل المزيد من التجارب الفاشلة. الحل يبدأ بالاعتراف بأن الأزمة ليست "محلية" أو "ثانوية"، بل هي قضية مركزية في استقرار المنطقة. يتطلب الأمر إرادة دولية وأقليمية حقيقية لفرض آليات مساءلة على الأطراف الفاسدة، وخلق شراكة بين المجتمع الدولي والقوى الجنوبية الفاعلة لبناء نموذج حكم في الجنوب يقوم على الكفاءة والشفافية. الجنوبيون يستحقون أكثر من أن يكونوا وقوداً لحروب الآخرين؛ حياتهم الكريمة يجب أن تكون فوق كل الاعتبارات.
الوقت ليس في صالح أحد… فإما عمل جاد لإنقاذ ما تبقى، أو انتظار انفجار سيُعيد المنطقة إلى المربع الصفر.
لا تقتصر الأزمة في الجنوب على مجرد نقص الخدمات الأساسية، بل هي انهيار متكامل لمنظومة الحياة. وفقاً لتقارير محلية، يعيش أكثر من 80% من سكان الجنوب تحت خط الفقر، بينما تصل نسبة البطالة إلى مستويات قياسية تتجاوز 60% بين الشباب. هذا الواقع ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج عقود من الإهمال الممنهج الذي أداره الاحتلال اليمني بكل أشكاله، وتفشي الفساد في مؤسسات السلطة، وسيطرة القوى الفاسدة على الموارد.
الحكومة الشرعية، التي يفترض أنها المعترف بها دولياً، تبدو عاجزة عن إدارة ما تبقى من مؤسسات عامة. بل، إنها تحول موارد الجنوب لتمويل اتباعها من اليمنيين الموزعين في عواصم العالم، مما يغذي السخط الشعبي في الشارع الجنوبي.
مع أن المجلس الانتقالي الجنوبي نجح في ترسيخ وجوده السياسي والعسكري كلاعب رئيس في الصراع، إلا أن أداءه الداخلي يثير قلقًا كبيرًا لدى الجمهور الجنوبي. فسيطرته العسكرية على عدن وأجزاء كبيرة من محافظات الجنوب لم تترجم إلى واقع تنموي وتحسُّن ملموس في حياة الناس، بل ظلت الحلول "الترقيعية" سيدة الموقف في مواجهة الأزمات.
الأسئلة تتصاعد همسًا وعلنًا : هل يعاني المجلس من نقص الكفاءة، أم أن أولوياته مهتمة بالصراع السياسي على السلطة، تاركاً الشعب الجنوبي فريسة لقوى يمنية وجنوبية متيَّمننة تعمل على إخضاعه؟ يرى بعض الجنوبيين أن المجلس، رغم خطاب "استعادة دولة الجنوب"، يفتقر إلى رؤية تنموية تلامس معاناة الناس اليومية. لقد أصبح يُدار كمنصة سياسية تفاوضية لضمان حصته في أي تسوية مستقبلية، بينما يُترك المواطن لمواجهة أزمات قاتلة، انقطاع الكهرباء لأيام طويلة، وانهيار نظام الأمن الغذائي، وتفشي الفساد في مؤسسات التعليم والصحة.
مما لا شك فيه، العجز لا يقتصر على الأطراف المحلية؛ فالمجتمع الدولي، الذي يُنفق المليارات على المساعدات الإنسانية، يذهب جلها في كواليس الفساد البيروقراطية، وتتهم منظماته بتجاهل الجذور الهيكلية للأزمة. برامج الإغاثة أصبحت جزءاً من اقتصاد الحرب وفسادها، تُدار عبر قنوات مشبوهة تُغذي النخب الفاسدة. وفي الوقت نفسه، تُختزل الحلول في مؤتمرات لا تتعدى بياناتها الإعلامية، بينما تُحبط أي مبادرات جادة لإعادة الإعمار خلف أبواب المصلحة السياسية.
لم يعد الجنوبيون ينتظرون خططاً إنقاذية من النخب الفاشلة، بل يجب البدء بصياغة مطالبهم عبر حراك مجتمعي متصاعد ومنظم يسعى إلى:
- إنهاء الاستقطاب السياسي الذي حوَّل الجنوب إلى ساحة لتصفية الحسابات.
- تقديم مشروع تنمية يعيد بناء البنية التحتية، ويوفر فرص العمل، ويُعيد الروح لقطاعات الزراعة والصناعة.
- محاسبة الفاسدين ومصادرة الأموال المنهوبة، والتي تُقدَّر بمليارات الدولارات.
- ضمان تمثيل حقيقي لشعب الجنوب في أي مفاوضات سلام، بعيداً عن الوصاية الخارجية.
التجاهل المتعمد لأزمة الجنوب لن يؤدي إلا إلى تفجير الوضع بشكل غير مسبوق. فالشباب العاطل، الذي أنهكته الحرب، بدأ يفقد آخر بقايا ثقته بالطبقة السياسية، وقد تتحول الاحتجاجات السلمية إلى تمردات مسلحة ضد جميع الأطراف. كما أن استمرار تدهور الخدمات العامة في ظل انتشار الأوبئة، وانهيار المنظومة التعليمية ينبئ بخطر محدق يهدد مستقبل شعب الجنوب.
الجنوب العربي لم يعد يحتمل المزيد من التجارب الفاشلة. الحل يبدأ بالاعتراف بأن الأزمة ليست "محلية" أو "ثانوية"، بل هي قضية مركزية في استقرار المنطقة. يتطلب الأمر إرادة دولية وأقليمية حقيقية لفرض آليات مساءلة على الأطراف الفاسدة، وخلق شراكة بين المجتمع الدولي والقوى الجنوبية الفاعلة لبناء نموذج حكم في الجنوب يقوم على الكفاءة والشفافية. الجنوبيون يستحقون أكثر من أن يكونوا وقوداً لحروب الآخرين؛ حياتهم الكريمة يجب أن تكون فوق كل الاعتبارات.
الوقت ليس في صالح أحد… فإما عمل جاد لإنقاذ ما تبقى، أو انتظار انفجار سيُعيد المنطقة إلى المربع الصفر.