في أعقابِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ أصبحتْ نِسبةُ النساءِ إلى الرجالِ أربعاً إلى واحدٍ، أي كلُّ أربع نساءٍ في مقابلِ رجلٍ واحدٍ، وما هي إلا أعوامٌ قليلةٌ حتى عادتِ النسبةُ إلى تلكَ التي وضَعَها اللهُ عز وجل، مئةٌ وخمسة بالمئةِ ذكورٌ، وخمسةٌ وتسعون بالمئةِ إناثٌ، هذه النسبةُ ثابتةٌ في كل البلادِ، وفي كلِّ الأمصارِ، وفي كلِّ القاراتِ، وفي كلِّ الأزمانِ، أما الشيءُ الذي يلفتُ النظرَ فهو أنّه على الرغمِ من أنّ لكلِّ زوجين عدداً مختلفاً من الذكورِ والإناثِ، فلهذا الرجلِ مثلاً ثمانِي بناتٍ، وللآخرِ أربعُ بناتٍ، وأربعةُ ذكورٍ، وهذا رجلٌ عقيمٌ، هذه النسبُ المتفاوتةُ، في أيِّ بلدةٍ، في أيِّ مصرٍ، وفي أي عصرٍ، في أيِّ مكانٍ، وفي أيِّ زمانٍ، ترجعُ في النهايةِ إلى نسبٍ نظاميةٍ يعرفُها علماءُ الجغرافية البشريةِ، وزارةُ الماليةِ مثلاً ماذا تفعلُ من أجلِ أنْ يكونَ الإنفاقُ وَفق المقرَّرِ؟ كلُّ قرارِ نفقةٍ يجب أنْ يذهبَ إلى الشطبِ، فإذا انتهى الاعتمادُ يتوقفون عن الصرفِ، إذاً لا بد مِن سجلٍّ، والأمرُ كذلك هنا، هذا عنده سبعةُ ذكورٍ، وذاك عنده سبعُ إناثٍ، وعند الله عز وجل سجلٌّ دقيقٌ، حيث إنه في النهايةِ يكونُ المجموعُ وَفقَ النسبةِ المقرَّرةِ مِن قِبَلِ الله عز وجل.

هذا موضوعٌ يقتضي التفكُّرَ، مع أنّ النسبةَ كانت 25 % ذكوراً، و75 % إناثاً بعد الحربِ العالميةِ الثانيةِ، بعد سنواتٍ كانت الأرحامُ كلُّها تنجبُ ذكوراً، إلى أنْ عُدِّلتِ النسبةُ، وأصبحتْ على ما هي عليه الآن، ألَيْسَت هناكَ يدٌ إلهيةٌ تعملُ في الخفاءِ؟ أليس هناك سجلاَّتٌ دقيقةٌ تحكمُ هذه النسبَ؟ أليست هناك ترتيباتٌ دقيقةٌ؟ هذه الآيةُ مبذولةٌ بين الأيادي، ظاهرةٌ للعَيانِ، قال تعالى: ((الله يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أنثى وَمَا تَغِيضُ الأرحام وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ)).
  • وليس الذكر كالأنثى
> قال ربُّنا سبحانه وتعالى في قصّةِ السيدةِ مريمَ: ((فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أنثى والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذكر كالأنثى)).

يتَّفقُ علماءُ المسلمين على أنّ المرأةَ كالرجلِ تماماً في التكليفِ، والتشريفِ، والمسؤولية، ولكنّ المرأةَ ليستْ كالرجلِ في أشياءَ أخرى، إذْ لها خصائصُ في بنيتها الجسميةِ، ولها خصائصُ في بنيتها النفسيةِ، ولها خصائصُ في بنيتها الاجتماعيةِ، ولها خصائصُ في قوّةِ إدراكِها، وفي طبيعةِ إدراكِها، فالذي عنده أولاد ذكور أو إناث، لو تتبَّعَ حركاتِهم، وألعابَهم، وأنماطَ تعلقاتِهم لرأى ذلك الاختلافَ، فالبنتُ الصغيرةُ، وهي في سنٍّ مبكرةٍ لها اهتماماتٌ، وميولٌ، وتطلعاتٌ ليست كالتي عند أخيها الصغيرِ، مع أنّ علاماتِ الذكورةِ والأنوثةِ لم تظهرْ بعدُ.

أنقلُ لكم رأيَ بعضِ العلماءِ في الفَرْقِ الدقيقِ الماديِّ والجسميِّ بين المرأةِ والرجلِ، يقولُ أحدُ العلماءِ الأطباءِ بَعْدَ دراسةٍ طويلةٍ أثبَتَهَا في كتبٍ معتمدةٍ: "إنّ قامةَ المرأةِ في جميعِ الأجناسِ أقصرُ مِن قامةِ الرجلِ، بل إنّ معدَّلَ الفرقِ عند تمامِ النموِّ عشرةُ سنتيمترات، وكذلك الوزنُ؛ فهيكلُ المرأةِ العظميُّ أَخَفُّ مِن هيكلِ الرجلِ العظميِّ، وتركيبُ هيكلِها يجعلُها أقلَّ قدرةً على الحركةِ والانتقالِ، وعضلاتُها أضعفُ مِن عضلاتِ الرجلِ بمقدارِ الثلثِ، لكنَّها تفضُلُه بنسيجِها الخَلَوِيِّ الذي يحتوي على كثيرٍ من الأوعيةِ الدمويةِ، والأعصابِ الحسّاسةِ، ونسيجُها الخلويُّ يسمحُ لها باختزانِ طبقةٍ دهنيةٍ، وبفضلِ هذه الطبقةِ الدهنيةِ تكونُ استدارةُ الشكل".

إنَّ مُخَّ الرجلِ يزيدُ على مخِّ المرأةِ بمئةِ غرامٍ، ونسبةُ مخِّ الرجلِ إلى جسمِه واحدٌ مِن أربعين، وأمّا نسبةُ مخِّ المرأةِ إلى جسمِها فهي واحدٌ مِن أربعةِ وأربعين، مخُّها أَقَلُّ ثَنياتٍ، وتلافيفُها أقلُّ نظاماً، أمّا القسمُ السنجابيُّ (القسمُ الإدراكيُّ في المخِّ) فهو أقلُّ مساحةً، لكنَّ مراكزَ الإحساسِ، والإثارةِ، والتهيجِ أشدُّ فاعليةً بكثيرٍ من مراكزِ الرجلِ، وصدرُ المرأةِ، ورئتَاها أقلُّ سَعَةً مِن صدرِ الرجلِ ورئَتَيْهِ، لكنَّ تنفّسَها أسرعُ من تنفُّسِه، وقلبُها أصغرُ من قلبِه، لكنّ نبْضَها أسرعُ مِن نبضِه.