أولًا: الانتقالي نجح بالوصول إلى مناصب في السلطة وهذه حقيقة، ومن خلال هذا الوصول سمح له بالحركة السياسية خارجيًّا.

ثانيا: الانتقالي تمكن من بناء قوات جنوبية بدعم من التحالف وأصبح بحكم الأمر الواقع متواجد في مناطق معينة لصد هجمات الحوثي على حدود تلك المناطق وله تواجد في مكافحة الإرهاب في محافظة أبين وكذا هو مسيطر على مناطق محددة أمنيًّا ويديرها.

السؤال: ما هو الدور المميز الذي قام به الانتقالي فيما يتعلق لتقديم خدمات للمواطنين أو توفير المرتبات لهم؟ وهذا الأمر أصبح معروفًا.

إن تلك الأمور يعاني منها المواطن الجنوبي بفعل تأثير الشرعية السلبي ولم يستطع الانتقالي أن يعمل شيئًا على الرغم من تواجده في السلطة مشاركًا عبر كادره المعين من قبله.. وهنا يطرح سؤال: ما هو النموذج الذي قدمه هذا الكادر في أداء مهامه في المناصب التي تسلمها في مؤسسات الدولة؟ وهل شكّل إضافة نوعية ككادر وطني يمكن المراهنة عليه في بناء الدولة الجنوبية القادمة؟ وهل تجنب دهاليز الفساد والمناطقية؟ جواب هذه الأسئلة وغيرها ستجده في عيون كل المواطنين الجنوبيين وليس في تقارير الكتبة البيروقراطيين.. ماذا لو؟

لنفترض لسبب ما، أو لترتيبات إقليمية أو دولية معينة أو لغدر داخلي من قبل الشريك اليمني.. ماذا لو تم إنهاء أو استبدال كل التشكيلات القائمة للسلطة التي يشارك فيها الانتقالي بتشكيلات أخرى أو بفرض قوى ومنهج آخر للحكم في اليمن عبر إشراك آخرين كون الجميع لا زال يسير تحت مظلة الجمهورية اليمنية ووجد الانتقالي نفسه أمام وضع جديد يتطلب منه إما تخفيض سقفه أو التخلي عن مطالبته باستعادة الدولة وفق التفويض الشعبي؟

ما هي الخيارات والبدائل التي بين يديه؟ هل سيتخلى عما فوض من أجله؟ أو أنه سيخفض سقفه السياسي حتى يساير الوضع الجديد؟ وماذا لو في أسوأ الأحوال يجدد نفسه خارج اللعبة؟ كيف سيتصرف وما هي الأوراق الضاغطة المتبقية لديه للحفاظ على كيانه السياسي وعلى تفويض الشعب له؟

فلنفترض وخلينا نضع أسوأ السيناريوهات.. ماذا لو تم وقف الدعم للانتقالي ورفع الغطاء عنه وقطع تزويد قواته بالمرتبات أو بالتغذية وأمور لوجستية أخرى. ماذا هو فاعل وما هي البدائل بين يديه؟

نعم للانتقالي إنجازات على المستوى السياسي الخارجي وبناء عدد من التشكيلات من القوات الجنوبية والأمنية هل هذه الإنجازات كافية للحفاظ على كيانه السياسي؟

السؤال ما هي المشاريع التي تبناها في مجال التربية والتعليم والصحة والطرقات والمطارات والموانئ والخدمات والمرتبات وغيرها من المشاريع وأصبحت منجزاته لصالح المواطن؟ إذًا ما هي الفوائد التي جناها باشتراكه في السلطة؟

لنرى الآن الخارطة السياسية والإدارية والأمنية في محافظات أبين وشبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى.. ما مدى سيطرة الانتقالي الفعلية على هذه المحافظات الجنوبية.. هل تتساوى مع تواجده في عدن ولحج وجزء من الضالع الجنوبية إذا افترضنا أنه مسيطر كسلطة أمر واقع؟

ماذا لو قررت تلك المحافظات عبر قوى جنوبية أخرى مدعومة إقليميًّا ودوليًّا وأعلنت عدم تبعيتها لنهج الانتقالي؟ ما هي الخيارات للتعامل مع هذا الوضع الجديد؟

ما هو قادم قد يكون أصعب مما قد مر وأعتقد على قيادة الانتقالي إعادة الحسابات وعدم الركون على الدعم الخارجي بشكل مطلق لأن حسابات الخارج ودعمهم تنطلق من مصالحهم الوطنية فإن لم تتطابق تلك المصالح في نقطة معينة فتلك الدول تغير موقفها وهذا حقها السيادي هذا من جانب ومن جانب آخر يتطلب الحذر من غدر الشريك اليمني الذي يضع الانتقالي كل بيضه في سلته حتى لا يلتهم عليه البيض واحدة بعد أخرى ويمكن يفقس بعضها كتاكيت يعلفها لتكون بديلة عنه وقت الضرورة.

وهذا الشريك للجنوب تجارب مريرة معه فالحذر أن يلدغ الجنوب من نفس الجحر عدة مرات.

إذًا ما العمل؟ هل يستمر الانتقالي الجري وراء السلطة ويغفل باب بناء مؤسسات الدولة الجنوبية على أرضه ووسط شعبه؟ ماذا لو يسير الانتقالي بخطين متوازيين؛ الأول الاشتراك بالسلطة ويكون مشروطًا بتحقيق نجاحات لصالح المواطن الجنوبي. والثاني خط موازٍ لبناء مؤسسات الدولة الجنوبية من الأدنى إلى الأعلى وفي وقت واحد إلى حين يتمكن من بناء أركان الدولة الجنوبية بأعمدتها الرئيسية؟ ويكون السير بحذر وكأنه يسير في حقل ألغام قد يتفجر فيه عبر الريموت كونترول عن بعد.

وهنا لابد من تحصين ذاته بسباج وطني متين حتى لو حصل غدر من الشريك المحلي أو تخلى عنه أحد من الآخرين سيكون سنده شعب الجنوب الذي يجب أن يعتمد عليه اعتماد كلي وعلى المؤسسات الوطنية التي سيبنيها لتكون أساسًا لدولة الجنوب الجديدة.

كيف وما هي الخيارات؟

ببساطة الأمر ليس صعبًا أو أنه سيذهب للبحث عن الإبرة في كومة من القش ولكن الطريق واضح هو أن يبني مؤسسات وطنية من الأدنى إلى الأعلى متماسكة الأركان ومتشاركة من كل القوى الجنوبية وهذا لا يتطلب إلا وقفة جادة بمنظور استراتيجي متجرد من المصالح الضيقة والأهواء المناطقية وأن يكون هناك تمايز بين خطتين الأولى لبناء المؤسسات في المحافظات وتحويلها إلى أقاليم تشترك فيها كافة القوى الوطنية في المحافظة أو الإقليم المتوافقة على بناء الدولة الجنوبية الاتحادية والخطة الثانية تسير بنفس الوقت لبناء مؤسسات الدولة الاتحادية على مستوى المركز عبر مشاركة ممثلي المحافظات أو الأقاليم الجنوبية في كافة هيئاتها القيادية لكي يضمن بأن يرى كل مواطن جنوبي في أي محافظة أو إقليم وجوده فيها عبر تواجد ممثليه من محافظته أو إقليمه المنتمي إليه في تلك المؤسسات على أن يكون بناءها وفق القانون والنظام الاتحادي خالية من الفساد والمناطقية وأية أهواء أخرى.

الأمر ليس صعبًا وليس سهلًا ولكن يتطلب توفر الإرادة الوطنية بأعلى تجلياتها والسمو على الصغائر وعدم الدخول في دهاليز المنفعة الذاتية على حساب المنفعة العامة للشعب وأن تبادر قيادة الانتقالي في انتشال الأوضاع التعليمية والصحية والخدمية وتوفير مرتبات الموظفين، وإنشاء المؤسسات الخدمية التي تقدم المساعدات للمواطنين غير المقتدرين باختصار عليهم الاقتراب من المواطن الجنوبي والأولى أن يبدأ اقتراب القيادات الجنوبية من بعضهم البعض وأن يسود الحب فيما بينهم خدمة لمصالح الوطن وأن ينبذوا عملية إقصاء بعضهم البعض أو تهميش أحد منهم فالمرحلة دقيقة هم في أشد وأمس الحاجة لبعضهم البعض لأننا نعيش وسط غابة من الأسود الذي كل منها يريد أن يأخذ نصيبه من كعكة الجنوب التي أصبحت أبوابها مشرعة على الآخر..