- ذم الشح والبخل
- تعريف الشح والبخل
- الفرق بين الشح والبخل
- أحاديث وآيات عن الشح والبخل
- مِمَّا جاء في التَّرْهِيبِ مِنَ الشُّحِّ والبُخْل: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ, وَالشُّحُّ...". وقال أيضًا: "لاَ يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا". وقال -صلى الله عليه وسلم-: "شَرُّ مَا فِي رَجُلٍ: شُحٌّ هَالِعٌ -الهَلَعُ: أَشَدُّ الفَزَع-, وَجُبْنٌ خَالِعٌ -أي: أنَّه يَخْلَعُ قلبَه مِنْ شِدَّةِ تَمَكُّنِه منه-".
- مظاهر الشح والبخل
إنَّ مَظاهِرَ الشُّحِّ والبُخْلِ كثيرةٌ, ويقَعُ فيها كثيرٌ من الناس, إلاَّ مَنْ نجا بنفسِه، ومن أهمها:
- مَنْعُ الصَّدَقَةِ على الأقارِبِ المُحْتاجِين: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يَسْأَلُ رَجُلٌ مَوْلَاهُ مِنْ فَضْلٍ هُوَ عِنْدَهُ, فَيَمْنَعُهُ إِيَّاهُ؛ إِلَّا دُعِيَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَضْلُهُ الَّذِي مَنَعَهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ -الأَقْرَعُ: الَّذِي ذَهَبَ شَعْرُ رَأْسِهِ مِنَ السُّمِّ-". قال في عَونِ المَعْبُود: "مَوْلَاهُ: أَيْ مُعْتِقَهُ, أَوِ المُرَادُ بِالمَوْلَى: القَرِيبُ, أَي: ذُو الْقُرْبَى, وَذُو الْأَرْحَامِ".
- تَرْكُ النَّفَقَةِ الوَاجِبَة: سواءٌ على الزَّوجَةِ, أو الولَدِ, أو الوالِدَين؛ ولمَّا قَالَتْ هِنْدٌ أُمُّ مُعَاوِيَةَ -رضي الله عنها- لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ, فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرًّا؟ قَالَ: "خُذِي أَنْتِ, وَبَنُوكِ, مَا يَكْفِيكِ بِالمَعْرُوفِ".
البُخْلُ بِأَداءِ الحَقِّ الوَاجِبِ فِي المَال: فيَمْنَعُ زَكاةَ مَالِه؛ شُحًّا وخَوفًا على مَالِه من الانْقِرَاض, والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ؛ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ, لَهُ زَبِيبَتَانِ, يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ, ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ -يَعْنِي: شِدْقَيْهِ- ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ, أَنَا كَنْزُكَ, ثُمَّ تَلاَ: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾[آل عمران: 180]". وفي حَدِيثٍ آخَرَ: "لَوْ كَانَ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لاَبْتَغَى ثَالِثًا, وَلاَ يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ, وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ".
- أسباب الشح والبخل
الشُّحُّ والبُخْلُ لهما أسبابٌ وبواعِثُ تَدْعُو إليهما, وتُوقِعُ فيهما, ومن أهمِّ أسباب الشُّحِّ والبُخْل:
- حُبُّ الدُّنيا مع تَوَهُّمِ الفَقْر: فمَن ابْتُلِيَ بِحُبِّ الدُّنيا تَوَهَّمَ أنه إنْ أَعْطَى فسَيَخْلو جَيبُه، وتذهَبُ مَكانتُه بين الناس، فيرى أنْ يُمْسِكَ بِرَّه ومَعروفَه عن الناس كي تَدُومَ له دُنياه, وما دَرَى أنه يَتَشَبَّه بمَنْ ذَمَّهم اللهُ -تعالى- في قوله: ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ﴾[القيامة: 20, 21]. قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ يَزَالُ قَلْبُ الكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ: فِي حُبِّ الدُّنْيَا, وَطُولِ الأَمَلِ".
- عَدَمُ اليقينِ بِمَا عِندَ اللهِ -عز وجل-: وأنَّ الله -تعالى- يُخْلِفُ على العَبْدِ أكْثَرَ مِمَّا يُعْطِي؛ قال -سبحانه-: ﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾[الليل: 8-10]. فمَنْ لا يَقِينَ عِندَه بِمَوعودِ اللهِ, تراه يَبْخَلُ في كلِّ شيءٍ؛ يَخشى عدمَ ثوابِ الدُّنيا والآخِرة.
- حُبُّ المَال: فمَن اسْتَولَى حُبُّ المَال على قلبِه، نَسِيَ كلَّ شيء، وشَحَّ به حتى على نفسِه؛ فلا تَسْمَحْ نفسُه بإخراجِ الزَّكاة، ولا بِمُداواة نفسِه عِندَ المَرَض، بل ولا يَأكُل ولا يَشْرب ولا يَلْبس ما تشتيه نفسُه؛ إذِ المالُ صار محبوبًا أكثرَ من نفسِه, يَجِدُ لذَّةً بتخزين المالِ في أرْصِدَتِه, وهو يعلم عِلْمَ اليقين أنه سيموتُ ويترُكُه لِغَيرِه. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ، وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ: حُبُّ المَالِ، وَطُولُ العُمُر". قال النوويُّ -رحمه الله-: "وَمَعْنَاهُ: أَنَّ قَلْبَ الشَّيْخِ كَامِلُ الحُبِّ لِلْمَالِ, مُتَحَكِّمٌ فِي ذَلِكَ؛ كَاحْتِكَامِ قُوَّةِ الشَّابِّ فِي شَبَابِهِ".
- الإِعْجَابُ بالنَّفْس: فبعضُ الناسِ مِمَّنْ أغناهم اللهُ -تعالى-, يَرْسُمُونَ لأنفُسِهم صورةً خياليَّة, أمْلاها عليهم الهوى, وزيَّنَها لهم الشيطانُ؛ قال -تعالى-: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾[الحديد: 23, 24]. وهذا هو الشُّحُّ؛ الشُّحُّ بالمالِ, والجَاهِ, والنَّفْسِ, والكَلِمَة.
- الحِقْدُ: فإذا كان المرءُ حاقِدًا على غيرِه، فإنه سيَسْعَى جاهِدًا ألاَّ يَنْفَعَه بشيءٍ؛ من مالٍ، أو نَفْسٍ، أو جَاهٍ، أو بها كُلِّها، وهذا أقَلُّ ما يفعَلُه الحِقْدُ لهؤلاء.