استقلال الجنوب: بين ضرورة التحرك وحتمية التوازن
دعا المقال القيادات الجنوبية إلى تبني نهجٍ استباقي، يعتمد على استغلال الفرص المتاحة – ولو جزئية – مثل الدعم الإقليمي المحدود أو التحالفات المحلية، بدلًا من انتظار ظروفٍ يصعب تحقيقها في واقعٍ معقد تشوبه الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية.
نقدٌ وتحليل بين التفاؤل والواقعية
اعتمد الكاتب على أمثلة دولية ناجحة (إستونيا، كوسوفو) لتأكيد فكرته، لكنه لم يُعمق في تحليل السياق الخاص بالجنوب العربي، الذي يختلف جذريًّا عن تلك النماذج. فالصراع اليمني-الجنوبي ليس مجرد نزاع حدودي، بل هو نتاج تراكمات وطنية وتاريخية واجتماعية معقدة، إضافة إلى تدخلات إقليمية ودولية قد تُعيق أي تحركٍ منفرد.
ما بين السطور وكأنهم يملكون القرار: نصيحة أم تحذير؟
لكن هذه الرسالة تظل مُعلقة بين التفاؤل والتوجس، فالكلمة الفصل هنا ليست للشجاعة وحدها، بل للتوازن بين الجرأة والحكمة.
كمواطن محب: ماذا ننصح؟
لو كنت مواطنًا جنوبيًّا، لَخاطبتُ قادتي بهذه النقاط:
استراتيجية زمنية واضحة: وضع خارطة طريق مُحددة بمراحل زمنية واقعية، مع آلية مرنة للتكيف مع المستجدات، قد يُقلل من مخاطر التردد أو الفشل.
الجنوبيون اليوم أمام امتحانٍ تاريخي كيف يحولون الحلم إلى واقعٍ دون أن يتحول الواقع إلى كابوس؟ الإجابة ليست في المقالات، بل في قراراتٍ حرة تُكتب بدماء الشعب وعقله الجمعي.
> في مقاله الصادر يوم 16 مارس، تناول د. حسين لقور بن عيدان قضية استقلال الجنوب العربي عن اليمن، مُسلطًا الضوء على التحديات التي تواجه القادة الجنوبيين في مسعاهم لتحقيق الانفصال. وحذر الكاتب مما أسماه "فخ الانتظار" لظروف مثالية – كالدعم الدولي الكامل أو انهيار الحكومة اليمنية – مشيرًا إلى أن هذا التردد قد يُفقد الجنوب فرصًا تاريخية، مستشهدًا بنماذج دولية مثل إستونيا وكوسوفو التي حققت استقلالها في ظروفٍ غير مُكتملة.
نقدٌ وتحليل بين التفاؤل والواقعية
رغم الحجج بالعمومية التي قدمها الكاتب، إلا أن المقال يثير تساؤلات حول مدى واقعية النهج المُقترح:
1- التعميم وإغفال السياق:
- الفرص المُبهمة
- المخاطرة مقابل التسرع
ما بين السطور وكأنهم يملكون القرار: نصيحة أم تحذير؟
الكاتب لم يكتفِ بنقد الواقع، بل حاول تقديم رسالة مبطنة للقيادات الجنوبية:
- النصيحة: التحرك الآن بذكاء، واستغلال أي فرصة ولو صغيرة، قبل فوات الأوان.
- التحذير: الانتظار الطويل ليس ترفًا، بل هو خطر يهدد بترسيخ الوضع القائم وضياع الحلم الجنوبي.
كمواطن محب: ماذا ننصح؟
لو كنت مواطنًا جنوبيًّا، لَخاطبتُ قادتي بهذه النقاط:
لا للجمود.. ولا للتسرع: الاستقلال ليس سباقًا عشوائيًّا، ولا رهانًا على الظنون. التحرك ضرورة، لكن بخطواتٍ مدروسة تُراعي المخاطر وتُحصن المكتسبات.
وحدة الجنوب أولاً: أي تحركٍ نحو الاستقلال يجب أن يبدأ بجبهةٍ داخلية موحدة. فالتشرذم بين الفصائل الجنوبية يُضعف الموقف التفاوضي ويجعل الاستقلال هدفًا هشًّا.
الدبلوماسية سلاحٌ لا يُستهان به: العالم لا يعترف بالشعارات، بل بالمصالح. بناء تحالفات إقليمية ودولية – ولو مرحلية – قد يُحدث فرقًا نوعيًّا، خاصة مع تنامي التنافس الدولي في المنطقة.
أخيرا.. مقال د. لقور يُثير نقاشًا حول إدارة التوقيت في الصراعات السياسية، لكنه – كأي طرح – يحتاج إلى تكملة.
فاستقلال الجنوب ليس معادلةً بين "الانتظار" و"التحرك"، بل هو عملية معقدة تدمج بين الإرادة الشعبية، والحس الاستراتيجي، وفهم عميق لخارطة المصالح الإقليمية والدولية.