في طفولتنا، تعلّمنا أن الجدران لا تنهار دفعةً واحدة، بل تبدأ من شرخٍ صغير، أو حجرٍ يسقط بصمت، بينما ينظر الباقون بعيدًا، ظنًا أن الجدار ما زال صامدًا.
هكذا هو حال الأوطان، وهكذا كان حال اليمن.
وكان يمكن لهذا التنوع أن يكون سرّ القوة، لولا أن بدأت الأيدي تفرّق بين حجرٍ وحجر.
ثم جاء الدور على الأخرى، وهكذا، تساقطت الأحجار واحدًا تلو الآخر، حتى بدأ السقف يتهدّد رؤوس الجميع.
والآن، كلّ شرائح المجتمع تدفع الثمن. الضيق في الرأي، المصادرة في الحرية، الاعتقال، النفي، التخوين، كلها لم تعد تفرّق بين طيف و آخر، ولا بين فردٍ وفرد. لقد وصل التهديد إلى كل بيت.
إنّ اليمن لن تعود سعيدةً إلا إذا أعدنا بناء الجدار بالحجارة التي أسقطناها نحن، بالحماية المتبادلة، بالاعتراف بحقّ كل إنسان في أن يكون كما هو، وبالوعي أن سقوط حجرٍ واحد هو تهديد للجميع.
ولا أحد يملك الحق في تقرير من ينتمي للوطن ومن لا ينتمي.
نحن جميعًا هذا الجدار، وكلما أسندنا بعضنا، بقي واقفًا.
فلنرفض أن يسقط حجرٌ آخر.
ولنبنِ من جديد، على أساس: التسامح، التعايش، والعدل.
فلا عزّة لوطنٍ يُقصي أبناءه، ولا بقاء لجدارٍ يُترك يتهاوى بصمت.
ودمتم سالمين