عيد بأي حال عُدت يا عيدُ؟.. هذا السؤال الذي طرحه الشاعر المتنبي منذ قرون بات اليوم أكثر واقعية في اليمن، حيث يأتي عيد الفطر في ظل أوضاع مأساوية تفترس الفرح، وتُثقل القلوب بالأحزان، فبدلًا من أن يكون العيد مناسبة للسعادة والاحتفال، صار بالنسبة للكثيرين مجرد يوم آخر يمضي وسط أزمات الحرب والفقر والتشرد.
  • العيد بين الفرح والحزن
يعتبر عيد الفطر في اليمن مناسبة دينية واجتماعية عظيمة، حيث اعتاد اليمنيون على الاحتفال به بطرقهم الخاصة، من صلاة العيد إلى تبادل الزيارات، ومن توزيع العيديات للأطفال إلى إعداد الأطعمة التقليدية. لكن الحرب المستمرة منذ سنوات ألقت بظلالها الثقيلة على هذه العادات، لتتحول فرحة العيد إلى ذكرى بعيدة المنال لكثير من العائلات التي فقدت أحبّاءها، أو هُجّرت من منازلها، أو تعاني الجوع والحرمان.
  • معاناة لا تنتهي
في العديد من المدن والقرى اليمنية، لم يعد العيد كما كان. هناك أطفال ينتظرون العيدية لكن آباءهم عاجزون حتى عن تأمين لقمة العيش. هناك أسر كانت تجتمع على موائد العيد لكنها اليوم مبعثرة بين المخيمات أو تحت أنقاض منازلها، وهناك شوارع كانت تمتلئ بالبهجة لكنها اليوم صامتة يملؤها الحزن، حيث تمر مواكب العيد بجانب المقابر بدلًا من المتنزهات.

الاقتصاد المنهار جعل العيد عبئًا ثقيلًا على كاهل الأسر اليمنية، إذ يعجز الكثيرون عن شراء ملابس جديدة لأطفالهم أو تحضير وجبات العيد المعتادة. حتى أبسط مستلزمات العيد باتت حلمًا بعيد المنال في ظل الغلاء الفاحش وانعدام الدخل.
  • العيد في جبهات القتال
بالنسبة لآلاف المقاتلين، يأتي العيد وهم في جبهات القتال بدلًا من أن يكونوا بين عائلاتهم. شباب في عمر الزهور يقضون العيد في المتارس، بعضهم لا يعلم إن كان سيعيش ليرى العيد القادم، بينما أمهاتهم يبكين غيابهم، وبعضهن يستقبلن العيد بالحزن على فقدانهم.
  • رغم الجراح العيد يبقى رمزًا للأمل
ورغم كل هذا الألم يظل اليمنيون متمسكين ببصيص من الفرح في العيد. يحرص البعض على أداء صلاة العيد، وتبادل التهاني، وزيارة القبور للدعاء لمن رحلوا. الأطفال رغم الحرمان يحاولون صناعة فرحهم البسيط، يتجولون في الأزقة بثياب متواضعة، وابتساماتهم البريئة تروي قصة شعب لا يزال يقاوم اليأس.
  • خاتمة: متى يعود العيد الحقيقي؟
عيد الفطر في اليمن لم يعد كما كان، لكنه يظل ذكرى حنين لأيامٍ أجمل. يظل العيد موعدًا مؤجلًا مع الفرح، لا يكتمل إلا بعودة السلام، ورفع المعاناة عن اليمنيين، وعودة كل غائب إلى بيته وأحبّائه. حتى ذلك اليوم ستظل القلوب تردد مع المتنبي "بما مضى أم لأمرٍ فيك تجديدُ؟".