ظل الجنوب العربي خلال العقود الستة الماضية مسرحًا لتحولات سياسية واجتماعية عميقة، تعكس رغبة المجتمع في تجاوز أنماط الحكم التقليدي نحو بناء دولة مدنية حديثة.
كانت الأنظمة الوراثية في الجنوب العربي، على مدى قرون، تمثل جزءًا من النسيج الاجتماعي والسياسي. إلا أن هذه الأنظمة لم تصمد أمام التحولات التي شهدها الجنوب وعموم المنطقة في الستينات حتى الاستقلال.
فقد قامت الجبهة القومية بعد 1967 بتفكيك تلك البُنى التقليدية بالقوة في الداخل، بعد انتقال الأجيال اللاحقة من العائلات الحاكمة السابقة إلى الخارج، ذهبت تبحث عن مسارات جديدة والدخول في ميادين عمل في التجارة والأعمال الحرة، مبتعدة عن السياسة والرغبة في العودة للحكم.
مع تطور التعليم وتنامي الوعي المدني في الجنوب، أصبحت فكرة عودة الحكم الوراثي أو القبلي غير قابلة للتطبيق في مجتمع يطمح إلى الحداثة. هذا التحول الاجتماعي والسياسي أسس لبيئة تقبل فكرة الدولة المدنية التي تعتمد على الكفاءة والجدارة، بدلًا من الولاءات التقليدية مع ما شاب تكوين الدولة المدنية من تجارب مريرة وصراعات حزبية.
ومع ذلك، على الرغم من التطور الذي شهده الجنوب العربي في ظل الدولة المدنية، إلا أن الوحدة مع اليمن في عام 1990 أعادت إحياء بعض الممارسات القبلية السيئة التي كادت أن تختفي تمامًا. حيث برزت ظواهر الثأر والنزاعات القبلية مجددًا، نتيجة ضعف مؤسسات النظام في صنعاء أو رغبة منه في تعميم الفوضى وتدمير المؤسسات المدنية فتعمد عدم فرض القانون. هذه التراجعات أكدت أهمية وجود دولة مدنية قوية قادرة على ضبط العلاقات الاجتماعية ومنع الانزلاق نحو أنماط ما قبل الدولة.
في ظل هذه التحولات، تبرز فكرة إنشاء نظام برلماني في الجنوب من غرفتين كحل عملي يجمع بين الديمقراطية الشعبية والخبرة المهنية. يتمثل هذا النظام في وجود مجلس نواب يُنتخب مباشرة من الشعب، ومجلس شيوخ منتخب أيضا يمثل القيادات والكفاءات والخبرات. هذا النموذج السياسي يُعد خطوة نحو تعزيز التوازن بين التمثيل الشعبي والقيادة المبنية على الكفاءة.
لماذا هذا النظام السياسي؟
لأنه يعزز التمثيل الشعبي من خلال مجلس نواب يعكس إرادة الشعب بشكل مباشر، ويضمن وجود قيادات مُحنّكة ترعى الاستقرار عبر مجلس شيوخ يُنتخب بناءً على معايير الكفاءة، مما يتيح مشاركة شخصيات ذات خبرة واسعة وثقل اجتماعي في السياسة والاقتصاد والقانون، كما أنه يحقق التوازن السياسي حيث تعمل الغرفتان معًا لضمان مراجعة القرارات والتشريعات، مما يقلل من احتمالات الفوضى السياسية.
أما فكرة إنشاء أو تعيين مجلس للأعيان أو المشايخ القبليين بدلًا من مجلس شيوخ منتخب، فتحمل مخاطر كبيرة على مسار الدولة المدنية، لأن مثل هذا المجلس سيعزز الولاءات القبلية ويعيد إحياء النفوذ التقليدي على حساب الكفاءة والعدالة. علاوة على ذلك، فإن التعيين أو الاختيار الوراثي لا يعكس إرادة الشعب، بل يخدم مصالح فئة محدودة، مما يؤدي إلى تعطيل التنمية وإضعاف مؤسسات الدولة.
لا شك أن هناك عقبات أمام تحقيق هذه الرؤية، أبرزها:
- ضعف الثقة في المؤسسات نتيجة سنوات من الصراع والانقسامات السياسية.
- المصالح الضيقة التي تستفيد من الفوضى وتعارض التحول إلى دولة مدنية.
لذلك، يمكن القول أن نظام الغرفتين بالانتخابات الحرة فرصة مناسبة للجنوب العربي للانتقال إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية. إنه نموذج يوازن بين التمثيل الشعبي والكفاءة المهنية، ويُبعد البلاد عن مخاطر العودة إلى الولاءات القبلية أو الطبقية، فالجنوب العربي يمتلك مقومات حضارية وتعليمية تؤهله لتبني هذا النموذج الحديث، مما يفتح الباب أمام مستقبل أكثر إشراقًا وعدالة.
كانت الأنظمة الوراثية في الجنوب العربي، على مدى قرون، تمثل جزءًا من النسيج الاجتماعي والسياسي. إلا أن هذه الأنظمة لم تصمد أمام التحولات التي شهدها الجنوب وعموم المنطقة في الستينات حتى الاستقلال.
فقد قامت الجبهة القومية بعد 1967 بتفكيك تلك البُنى التقليدية بالقوة في الداخل، بعد انتقال الأجيال اللاحقة من العائلات الحاكمة السابقة إلى الخارج، ذهبت تبحث عن مسارات جديدة والدخول في ميادين عمل في التجارة والأعمال الحرة، مبتعدة عن السياسة والرغبة في العودة للحكم.
مع تطور التعليم وتنامي الوعي المدني في الجنوب، أصبحت فكرة عودة الحكم الوراثي أو القبلي غير قابلة للتطبيق في مجتمع يطمح إلى الحداثة. هذا التحول الاجتماعي والسياسي أسس لبيئة تقبل فكرة الدولة المدنية التي تعتمد على الكفاءة والجدارة، بدلًا من الولاءات التقليدية مع ما شاب تكوين الدولة المدنية من تجارب مريرة وصراعات حزبية.
ومع ذلك، على الرغم من التطور الذي شهده الجنوب العربي في ظل الدولة المدنية، إلا أن الوحدة مع اليمن في عام 1990 أعادت إحياء بعض الممارسات القبلية السيئة التي كادت أن تختفي تمامًا. حيث برزت ظواهر الثأر والنزاعات القبلية مجددًا، نتيجة ضعف مؤسسات النظام في صنعاء أو رغبة منه في تعميم الفوضى وتدمير المؤسسات المدنية فتعمد عدم فرض القانون. هذه التراجعات أكدت أهمية وجود دولة مدنية قوية قادرة على ضبط العلاقات الاجتماعية ومنع الانزلاق نحو أنماط ما قبل الدولة.
في ظل هذه التحولات، تبرز فكرة إنشاء نظام برلماني في الجنوب من غرفتين كحل عملي يجمع بين الديمقراطية الشعبية والخبرة المهنية. يتمثل هذا النظام في وجود مجلس نواب يُنتخب مباشرة من الشعب، ومجلس شيوخ منتخب أيضا يمثل القيادات والكفاءات والخبرات. هذا النموذج السياسي يُعد خطوة نحو تعزيز التوازن بين التمثيل الشعبي والقيادة المبنية على الكفاءة.
لماذا هذا النظام السياسي؟
لأنه يعزز التمثيل الشعبي من خلال مجلس نواب يعكس إرادة الشعب بشكل مباشر، ويضمن وجود قيادات مُحنّكة ترعى الاستقرار عبر مجلس شيوخ يُنتخب بناءً على معايير الكفاءة، مما يتيح مشاركة شخصيات ذات خبرة واسعة وثقل اجتماعي في السياسة والاقتصاد والقانون، كما أنه يحقق التوازن السياسي حيث تعمل الغرفتان معًا لضمان مراجعة القرارات والتشريعات، مما يقلل من احتمالات الفوضى السياسية.
أما فكرة إنشاء أو تعيين مجلس للأعيان أو المشايخ القبليين بدلًا من مجلس شيوخ منتخب، فتحمل مخاطر كبيرة على مسار الدولة المدنية، لأن مثل هذا المجلس سيعزز الولاءات القبلية ويعيد إحياء النفوذ التقليدي على حساب الكفاءة والعدالة. علاوة على ذلك، فإن التعيين أو الاختيار الوراثي لا يعكس إرادة الشعب، بل يخدم مصالح فئة محدودة، مما يؤدي إلى تعطيل التنمية وإضعاف مؤسسات الدولة.
لا شك أن هناك عقبات أمام تحقيق هذه الرؤية، أبرزها:
- ضعف الثقة في المؤسسات نتيجة سنوات من الصراع والانقسامات السياسية.
- المصالح الضيقة التي تستفيد من الفوضى وتعارض التحول إلى دولة مدنية.
لذلك، يمكن القول أن نظام الغرفتين بالانتخابات الحرة فرصة مناسبة للجنوب العربي للانتقال إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية. إنه نموذج يوازن بين التمثيل الشعبي والكفاءة المهنية، ويُبعد البلاد عن مخاطر العودة إلى الولاءات القبلية أو الطبقية، فالجنوب العربي يمتلك مقومات حضارية وتعليمية تؤهله لتبني هذا النموذج الحديث، مما يفتح الباب أمام مستقبل أكثر إشراقًا وعدالة.