​شهدت العاصمة عدن، ظهر يوم الخميس، واقعة أثارت جدلاً واسعاً بعد تعرض مدير شرطة السير، العميد عدنان القلعة، وعدد من مرافقيه، لاعتراض من قِبل أفراد نقطة أمنية تابعة لقوات الأمن الخاصة، في حادثة سلّطت الضوء على إشكالية التنسيق بين الأجهزة الأمنية، ومحدودية الانضباط في بعض التشكيلات.بحسب إفادة العميد القلعة، فقد بدأ الأمر بتلقيه بلاغاً من عدد من أفراد المرور، يفيد بتوقيفهم واحتجازهم من قِبل نقطة أمنية.

وعلى الفور، توجّه إلى الموقع برفقة مرافقيه، لتُفاجئهم ستة أطقم تابعة لقوات الأمن الخاصة، انتشر جنودها في المكان واعترضوا طريقهم، بالرغم من تعريفهم بأنفسهم كضباط يتبعون شرطة السير.

ويؤكد القلعة في تصريحه أن القوات صادرت مركبته الرسمية، واستولت على الهواتف الشخصية، كما تعرّض عدد من مرافقيه للاعتداء بالضرب باستخدام أعقاب البنادق، وحدث ما وصفه بتصرف مقلق تمثل في شحن بعض الأسلحة وتوجيهها نحوهم، قبل أن يتم اقتيادهم إلى غرفة تابعة للنقطة الأمنية واحتجازهم مؤقتًا.

لاحقًا، أُتيحت له الفرصة للتواصل مع قائد قوات الأمن الخاصة العميد فضل باعش، والذي قدّم اعتذاره وفسّر ما حدث بأنه نتيجة سوء فهم من قِبل الأفراد، الذين ظنّوا أن الضباط يتبعون شرطة خور مكسر، على خلفية توتر سابق بين الجانبين.

الواقعة – رغم ما أعقبها من اعتذار رسمي – أثارت ردود فعل واسعة، تجلّت أبرزها في إعلان منتسبي شرطة السير الإضراب عن العمل، في خطوة احتجاجية على ما وصفوه بالإهانة التي طالت أحد أبرز قياداتهم، وتهديد سلامته أثناء أداء مهامه الرسمية.

هذه الحادثة تفتح باب النقاش حول عمق التحديات التي تواجه الأجهزة الأمنية في عدن، سواء من حيث التنسيق، أو الحدود الفاصلة بين المهام والصلاحيات، أو حتى التزام الضبط والربط العسكري. كما تطرح تساؤلات جدية حول مدى فاعلية الإجراءات الرادعة في حال وقوع تجاوزات مماثلة، حتى لا تتكرر بصورة قد تُفضي إلى عواقب أشد خطورة.

وبين من يعتبر ما حدث تصرفًا فرديًا معزولاً، ومن يراه مؤشرًا على خلل أوسع، تظل الحاجة ماسة إلى تحقيق شفاف، يضمن المحاسبة ويعيد الاعتبار للجهات الرسمية، ويُرسّخ مفهوم الدولة التي تُحترم فيها الرتبة، ويُصان فيها القانون.

في نهاية المطاف، عدن بحاجة إلى ضبط أمني متماسك، لا يُبنى على الاجتهادات، بل على التنسيق الفعّال، واحترام المهام، والانضباط المؤسسي.