يا من تراقبون المشهد من شرفات الانتظار، أو تتقلبون في أسرّة القهر والفقر والتهميش، سلامًا على وعيكم المغتال، وعلى أحلامكم المؤجلة إلى حين ميسرة.
الإعلام في أوطاننا لا يعلّمك كيف تفكر، بل كيف تستهلك التفكير الجاهز.
فلا أحد يسأل، من يختار ما نراه؟ ولماذا نراه؟ ولِمَ لا نرى الحقيقة إلا في لقطاتٍ مسربة من الزمن الجميل؟
الطالب يُعلَّم أن يطيع، لا أن يسأل، أن يغش، لا أن يُبدع.
حين يستَخدَم الدين كعصا ترهيب لا تأديب، ولا حتى كمصدرٍ لتحرير العقل، فاعلم أن الخطر صار مؤسسيًا بامتياز.
يُطلب من الجائع أن يصبر ويصابر، ومن المقهور أن يشكر، ومن المظلوم أن يسلم باسم الله زورًا.
قروض، ثم ديون، ثم شروط، ثم خصخصة، ثم بيع للموانئ والمطارات والأحواش، والمتنفسات، وحتى المستشفيات الخيرية.
السياسة، تلك التي يُفترض أن تمثل الشعب، تحولت إلى عرضٍ مسرحي بوجوه تتكرر كل موسم، والمعارضة فيها تُمارس دور "الديكور الديمقراطي"، دون أن تجرؤ على كسر القاعدة الموصى بها.
إن المؤامرة ليست خرافة، بل هندسة.
وإذا كان التاريخ يُكتَب بدماء الواعين، فإن الجهل لا ينتصر إلا حين يسكت العقلاء.
وإذا سقطنا، وهذا ما نتوقعه، فليكن سقوطنا الأخير في غفلة، بل بجهالةٍ اخترناها بمحض رضانا.
"يوم لا ينفع الندم".