في مشهد يعكس حجم الغليان الشعبي المتصاعد، خرجت حرائر عدن بشعارٍ حادّ وواضح: "لا شرعية.. لا انتقالي". لم يكن الشعار عابرًا ولا مجرد تعبير غاضب لحظة احتجاج، بل كان موقفًا سياسيًا واجتماعيًا مدروسًا، يعكس انكسار الثقة التام في الأطراف الحاكمة، ويمثّل تمردًا على وصاية مزدوجة فرضت نفسها على الجنوب باسم التحرير تارة، وباسم الشرعية تارة أخرى.

أولًا: رفض مشترك لحكومتين من ورق
يحمل هذا الشعار دلالة مزدوجة، فالرفض لم يقتصر على أحد الطرفين، بل شمل كليهما: الشرعية التي تآكلت مؤسساتها وتحوّلت إلى كيان منفيّ غائب عن هموم المواطن، والمجلس الانتقالي الذي فشل في إدارة الجنوب، وانشغل بالمناصب والامتيازات على حساب الخدمات والأمن والكرامة.

ثانيًا: كسر حاجز الخوف
أن تخرج النساء أولًا، فذلك ليس عجزًا من الرجال، بل صفعة مدوية على وجوه من صادروا القرار وخوّنوا كل صوت حرّ. لقد خرجت المرأة العدنية حاملةً وجع عدن بأكمله، معلنةً أن الصمت لم يعد خيارًا، وأن الجنوب ليس عزبة لأحد.

ثالثًا: من الشعار إلى التحول الشعبي
الشعار لا يقف عند حدود الكلمات، بل هو بداية تحوّل حقيقي في وعي الشارع، فالأجيال التي اعتقدت الأطراف أنها ستظل تابعة أو صامتة، بدأت تصوغ لغتها، وتفرض حضورها، وتعيد تعريف من يحق له تمثيلها.

رابعًا: إفلاس النخب وغياب المشروع
سواء كانت النخبة التابعة للشرعية أو تلك التي تمثل الانتقالي، فكلاهما ظهر عاجزًا أمام أبسط استحقاقات الناس: كهرباء، ماء، أمن، رواتب. أمام هذا الفشل، لم يكن غريبًا أن يُرفَض الاثنان معًا. لأن من لا يخدم الشعب، لا يستحق أن يحكمه.

خاتمة
اليوم، كانت حرائر عدن في الطليعة، وغدًا سيكون الشارع كله خلفهن. فحين تسقط الشرعيات الزائفة، وتنكشف أوهام التحرير المزيّف، لا يبقى سوى صوت الناس… وصوت الناس الآن قالها بوضوح: لا شرعية.. لا انتقالي.