الجمعة, 13 يونيو 2025
2,171
الاغتيال المعنوي للشخصية من خلال تشويه السمعة لا يختلف عن الاغتيال المادي إلا في بُعده الفيزيائي؛ فالأول يدمّر السمعة، والثاني يدمّر الجسد.
لذلك، فإن بعضَ مَن يُطلق عليهم في بلادنا مجازًا "ساسة"، ومن "محيطنا" الجغرافي خصوصًا، ممن قفزوا إلى مواقعهم الحالية في غفلة من الزمن، ولم يكونوا حاضرين في معركة تحرير الجنوب من ميليشيات الحوثي عام 2015، لا جسديًا ولا معنويًا، أصبحوا اليوم فجأة في مراكز عليا ضمن النظام السياسي الذي نتج عن اتفاق الرياض، رغم أن بعضهم لم يمارس أي وظيفة في الدولة سابقًا، ولا يزالون لا يمارسون أي وظيفة حكومية رسمية، سوى اصطناع مؤهلات جامعية مشكوك فيها، ومؤهلاتهم الوحيدة التي تفوقوا فيها هي الكذب، والدجل، والوشاية، والنفاق.
واليوم تجدهم يمارسون اغتيال الشخصية تجاه من يغارون منهم، أو يحقدون عليهم، أو حتى بناءً على أوهام وتصورات مُسبقة لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة، وهذا يدل على تدهور الأخلاق والثقافة السياسية في بلادنا خلال السنوات الأخيرة.
فبدلًا من أن تسود روح الأخوة والالتزام التشاركي داخل الصف السياسي الواحد، تجدهم يلجأون إلى الفبركات المفضوحة لإزاحة الآخرين عن طريقهم، بعيدًا عن الإنصاف، واللياقة، والاحترام المتبادل. وهذا السلوك المشين ينعكس، في المحصلة، على نجاح المشروع السياسي وروافعه الاجتماعية والسياسية.
إن اغتيال الشخصية / السُّمعة بشكل منظّم يعكس أيضًا العلاقة الإشكالية في بعض المكونات والمجموعات التي يكون معيارُها (الشللية) والولاء الشخصي للأفراد، والاستحسان لهذا أو ذاك وفقًا لذلك المنظور الضيّق. ففي هذه المكونات، يفقد المتسلّقون أعصابهم إلى حد كبير، ويُصابون بالجنون. ومما يؤسف له أن هذا يشير إلى وضع عام يعمل بلا أخلاقيات ولا ضمير.
لقد أدرك هؤلاء، بالفعل، أنهم لن يتمكنوا من إقناع شعبنا بصواب خياراتهم وأفعالهم؛ فالشعب قد خاب أمله في سرديات الأوهام، ولذلك انتقلوا إلى شنّ حرب شخصية شاملة ضد كل من يعتقدون أو يتصورون أنه، في نظرهم، عقبة رئيسة أمام طموحاتهم الصغيرة.
قال الله تعالى:
(لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا)
صدق الله العظيم.