> بغداد «الأيام» رويترز :
شيراتون بغداد
وإذا كان لكل حرب فندقها فإن شيراتون بغداد بتصميمه المبهرج الذي يرجع لأواخر السبعينات واضوائه المتلألئة وموظفيه الجادين المنهكين قد ارتبط بحرب العراق.
وبعد سقوط العاصمة بغداد في عام 2003 كان مكتظا وكانت حانته مزدحمة ولم تتوقف مصاعده ذات الواجهات الزجاجية عن الحركة صعودا وهبوطا بين طوابق الفندق البالغ عددها 19 طابقا.. وفي كل مكان كانت الفرص تتألق.
ولم يخل الأمر أحيانا من هجمات بقذائف المورتر أو بالصواريخ ومن بينها هجوم قطع سلك المصعد ليتهاوى صندوقه في بهو الفندق.
ورغم هذا بلغ الفندق أوج نشاطه بعد الحرب ليصبح محورا يعج بالحياة في قلب الفوضى التي عمت البلاد.
والآن لم تعد الحياة تدب في الفندق ليصبح رمزا للحياة التي تنتزعها الهجمات المسلحة من قلب المدينة.
ويشغل الفندق أحد اركان ميدان رئيسي قبالة فندق فلسطين في وسط بغداد ولم ينزل به على مدى الأشهر السبعة الماضية أي نزلاء.
وتسع غرف فقط هي المشغولة من بين 307 غرف هي مجموع غرف الفندق,وفي بعض الليالي يخلو الفندق من أي نزلاء. ويجلس العاملون في حزن. وعامل الغرف يدخن واضعا ساقا على ساق. وجف حمام السباحة.
قال مهند تموين مسؤول الحجز بالفندق بينما كان يقف خلف مكتب الاستقبال وهو يرتدي سترة رثة عليها شعار شيراتون "تراجعنا من إشغال بلغت نسبته 95 بالمئة أو مئة بالمئة إلى أقل من ثلاثة بالمئة."
وتابع قائلا "إنه لأمر محزن جدا. لم نمر بوقت أسوأ مما نحن عليه الآن."
وتعكس قصة الفندق من بعض الوجوه تاريخ العراق القريب.
ولم يصبح الفندق جزءا من سلسلة فنادق شيراتون منذ العقوبات التي فرضت على العراق بعد غزوه الكويت في عام 1990 لكنه ظل محتفظا بالاسم.
وتراجع ازدهار ما بعد الحرب هذا العام بعد الانتخابات التي اجريت في يناير كانون الثاني الماضي. وانتقل الى الخارج العديد من الشركات التي كانت تشغل مساحة من الفندق وكانت شبكة فوكس نيوز التلفزيونية تشغل معظم الطابق الثالث بالفندق.
ونقل المقاولون الأمريكيون العاملين معهم من الفندق إلى المنطقة الخضراء المحصنة طلبا للآمان. وبعد أن أصبحت بغداد مكانا خطرا على نحو يتزايد أصبح السياج الأمني حول الفندق أكثر إحكاما وأكثر صرامة مما يزيد من صعوبة الوصول إليه.
يقول سامي عبد الله مدير المبيعات والعلاقات العامة بالفندق الذي كان يجلس خلف مكتب خاو على مسافة من سكرتارية المكتب الذين يجلسون في ملل "الجدران من حولنا..نحن معزولون."
وأضاف "ليس هناك سياح بصدد المجيء. والأمن هو الجزء الأكبر من المشكلة وغادر الآخرون جميعا."
واستطرد قائلا "هذا يحزنني ويقلقني جدا. لم تعرض علي ولو ورقة واحدة منذ سبعة أشهر. أشعر بيأس."
في البداية سارت الأمور بشكل جيد بعد الحرب إلى حد دفع إدارة الفندق إلى اتخاذ قرار بتجديده وانفاق مبالغ كبيرة لتجديد الغرف التي لم يتم طلاؤها منذ افتتاح الفندق في عام 1982. وتم التخلص من أجهزة التلفزيون القديمة والابسطة الارجوانية اللون.
وجرى تجديد الجناح الرئاسي بالفندق وسعره الآن 500 دولار في الليلة كما جرى ايضا تجديد العديد من الطوابق المخصصة لكبار رجال الاعمال لكن لا يشغلها أحد الآن,والمطعم مغلق.
ويقول عمال الغرف والحمالون إنهم كانوا يكسبون ما يصل إلى 400 دولار في الشهر عندما كانت الأمور على ما يرام معظمها كان من تكلفة الخدمة التيكانت توزع على حوالي 400 موظف. ويقولون إن ما يحصلون عليه من "الخدمة" لا يزيد الآن على عشرة دولارات في الشهر. ولا يحصلون على أي إكرامية.
يقول عبد الله الذي يتذكر ذروة النشاط في منتصف الثمانينات "أظن أننا قد أفلسنا... عندما كان نادي الفندق كاملا كان هناك رقص وألعاب وحمامات سباحة."
ومضى يقول "كان الفندق فردوسا آنذاك. أما الآن فإنه جحيم."
ويقول البعض إن الحل الوحيد هو أن تعود إدارة الفندق لشركة شيراتون,ويذكرون بإعزاز أن الكثير من الآنية في المطعم لا تزال تحمل شعار الشركة ويرتدي العاملون بافتخار زي شيراتون. لكن ذلك مستبعد في ظل الظروف الحالية.
يقول عبد الله "الأمر خارج أرادتنا... الأمور تتحول من سيء إلى أسوأ."