السبت, 19 أبريل 2025
184
الزيارة التي يقوم بها اليوم وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى طهران تنسف زيف التسريبات التي ضختها الآلة الإعلامية الغربية وتلقفتها كثير من وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي بالشرق العربية والإسرائيلية بشأن نية المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالعودة مجددا للحرب باليمن الانخراط بتدخل بري في اليمن بدعم عسكري أمريكي بريطاني.
هذه الأنباء التي تدحضها زيارة الأمير خالد -الذي يمسك بالملف اليمني- كانت قد نفتها السعودية والإمارات قبل يومين بعد تسريبات خطيرة نشرتها صحيفة (وول ستريت جورنال) ووسائل إعلام أخرى كثيرة، حيث وصفتها (لانا نسيبة) مساعدة وزير خارجية الإمارات للشؤون السياسية في تصريح لرويترز بالمزاعم الغريبة التي أساس لها.
أمريكا التي تخوض سجالا عسكريا محتدما مع الحركة اليمنية (أنصار الله) الحوثيين منذ أكثر من شهر فشلت أمريكا في جر السعودية إلى الحلف البحري الذي شكلته واشنطن بالبحر الأحمر في عهد الرئيس الأمريكي المنصرف بايدن لضرب القوات اليمنية (الحوثيين) التي استئناف الهجمات على الأراضي الإسرائيلية والسفن التابعة لها غداة نكث إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار في غزة. كما لم تفلح أمريكا بإقناع أي من الدول المشاطئة للبحر الأحمر بالانضمام إلى ذلك الحلف البحري العسكري تفاديا للصدام مع قوات الحركة اليمنية العنيدة، ومع اشتداد المواجهات بين القوات الأمريكية واليمنية في عهد الرئيس ترامب تحاول الإدارة الأمريكية التي عجزت حتى الآن من تقويض قدرات الحوثيين أو النيل من قياداتهم الاستدراج والضغط على السعودية للدخول في مواجهة ثانية بالحرب باليمن براً ليتسنى لها (أمريكا) الإجهاز على الحركة أو تقليص قدراتها الهجومية التي لا تزال قادرة على بلوغ تل أبيب، فضلاً عن البوارج الأمريكية، لكن المملكة كما هو واضح قد حسمت أمرها بعدم العودة إلى فخ الحرب باليمن التي كلفتها الكثير من المال والسمعة، خصوصا وإن لديها ما هو أهم من ذلك بالداخل السعودي من مشاريع اقتصادية وثقافية وإصلاحات اجتماعية طموحة تحتاج الرياض معها إلى استقرار داخلي وإقليمي لاسيما أنها تدرك تعاظم قدرات الحوثيين العسكرية بالعامين الماضيين فترة (الهدنة) التي ما تزال صامدة، والتي باتت (الصواريخ والطائرات) تبلغ قلب تل أبيب على بعد قرابة 1500 كم التي تحميها قبة حديدة صارمة ودفاعات أمريكية بريطانية جوية ضخمة، ومع ذلك عجزت عن التصدي كليا للصواريخ والطائرات القادمة من اليمن، وهو الأمر الذي تدركه المملكة اليوم وتتحاشاه، وصار آخر ما تتمنى حدوثه.
يعزز هذا القرار السعودي بالعزوف عن مواصلة الحرب والاستعاضة عنه بتسوية سياسية مع صنعاء التحسن المضطرد بعلاقتها أي المملكة مع طهران وبالذات بعد وصول الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان لسدة الحكم واستئناف العلاقات إلى سابق عهدها وعودة روح الثقة والدفء بين العاصمتين الكبيرتين بوساطة صينية والتي بلغت ذروتها بتصريحات متبادلة بين الطرفين كان آخرها ما أكد عليه يوم أمس رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري أن العلاقات بين القوات المسلحة لبلاده والسعودية تشهد نموا وتطورا.
لا يبدو فقط أن السعودية هي التي لا تريد خوض معركة برية بل حتى الحكومة اليمنية الموالية لها برغم خطابها الذي يتحدث عكس ذلك غير قادرة ولا مستعدة لخوض أي نزال بري، فهي تعيش في وضع اقتصادي غاية بالسوء إلى درجة أن أصبحت عاجزة حتى عن توفير مرتبات موظفي الدولة وتوفير الخدمات الضرورية في المناطق التي تسيطر عليها ناهيك عما تنتاهبها من صراعات وتجاذبات خطيرة وتستبد بمكوناتها حالة عدم الثقة يستعصي معها بالتالي توفير أي فرصة لشن حرب غالية الكُلفة اقتصاديا وبشريا أو حتى توفير الحد الأدنى للمجهود العسكري.
إذن لم يبق لدى أمريكا من مخرج في معالجة أزمتها مع اليمن سوى الاستمرار بالهجمات الجوية التي حتى اليوم وباعتراف أمريكي لم تفِ بالغرض أو الدخول تفاهمات مع الحركة الحوثية وبالذات في حالة أفضت المفاوضات التي تجريها مع إيران في مسقط وروما.
"رأي اليوم"