> «الأيام» صالح حنش:

لم يكن الوالد العزيز عبده سيف راشد والذي تجاوز السبعين ربيعاً من عمره مجرد نجار، اتخذ من مهنة النجارة وسيلة لكسب لقمة العيش الشريفة من عرق جبينه، ولكنه فناناً موهوباً ومبدعاً حقيقياً دخل الوسط الفني في عز الشباب ومن بوابة مهنة النجارة من خلال صناعة وترميم آلة العود أولاًَ ثم توسع وتطور ليشمل بقية الآلات الموسيقية الأخرى مثل آلات الكمان، الكونترباس، الشيلو وفي مقدمتها العود الحديث وحتى العود التقليدي «القنبوس».. مازال الفنان عبده سيف راشد يزاول فن صناعة الآلات الموسيقية بحب ونشاط وتفان حتى يومنا وبلا كلل ولا ملل، إذ يعتبر ذلك هوايته المفضلة لإشباع حاجاته الروحية وليس للكسب المادي، واستطاع خلال أكثر من خمسة عقود من الزمن قضاها في ممارسة هذا النشاط الفني الإبداعي أن يسهم إسهاماً فعالاً في تفعيل الأنشطة الفنية الموسيقية وتطورها وازدهارها عبر مراحل متلاحقة، واكتسب مكانة رفيعة وتقديرا بالغا في الوسط الفني وعبر أجيال متعاقبة، وشهرة بالغة تجاوزت حدود الوطن وبواسطته ومن خلاله أصبح العود (العدني) ينافس أشقاءه العرب من حيث الجودة في صناعته والدقة في تكوينه.

هذا الرجل المتدفق عطاءاً -وبصمت- وبعد هذا المشوار -أطال الله في عمره وأمده بالصحة والعافية- لم يعط حقه من التقدير والاهتمام والرعاية أكان على الصعيد الشخصي أو على صعيد عمله الإبداعي المتميز والمهدد بالانقراض ويتوقع له أن يصبح أثراً بعد عين.. ففي هذا الاتجاه فقد أقام منتدى (الباهيصمي) الثقافي الفني بالمنصورة م/عدن، فعالية تكريمية للفنان عبده سيف راشد يوم الخميس 29 سبتمبر 2005م، والتي على هامشها عبر الشاعر عبدالله باكدادة، مدير عام مكتب الثقافة بعدن وعد بتكريم هذا الفنان عبده سيف من قبل مكتب وزارة الثقافة والسياحة م/عدن قريباً.. هذا التكريم المرتقب والمنتظر الذي أتمنى أن يخرج عن مراسيم التكريم النمطي المعتاد إلى إطارات أرحب. وكم سيكون جميلاً ومجدياً أن نتبنى في سياق تكريم الفنان النجار عبده سيف راشد قضية المحافظة على هذا العمل الفني والإبداعي من الانقراض ومواصلة تطويره.

الجدير بالإشارة هنا أن اذكر أن للفنان عبده سيف راشد حلماً يراوده منذ 1956م حسب ما ذكره شخصياً، يتمثل في عمل مجسم من الخشب لمدينة الشيخ عثمان «القديمة» ومازال يتمنى أن يتحقق هذا الحلم.. فهل هنا من يبادر ويتكرم في تكريم هذا الفنان المبدع ويحقق له حلمه؟