> د. هشام محسن السقاف:
لا نريد أن نصدق أننا سنجتاز بستة أشهر (تيه) الأربعين عاماً في صحراء الفساد، إلا أن تكون هناك عصيّ كعصا موسى (عليه السلام) تستطيع أن تفلق البحر وتفجّر الماء من الحجر وتلقف إفك السحرة وهم صاغرون.
أما إذا تركنا أسفار الثورة والجمهورية والاستقلال لذمة يوم يتطهر فيه المؤرخون من وزر التحليق في سماء ملوثة بالزلفى والتزوير، والاستعاضة بالوحدة التي تجب ما قبلها، فإن تكنوقراط (نصف عام) في التعديل الحكومي، هو نصف إفاقة لن تؤتي ثماراً ترضي الذوق الشعبي أو الذوق الأوروبي المانح، ولن تكون طوق نجاة لدولة سكتت عن المفسدين حتى أصيبت بالسكتة القلبية (أو هي على وشك).
يقول البروفسور روبرت بوروز عن التعديل الحكومي الأخير «بأنه يضم مجموعة موظفين لا أكثر طبقاً لطبيعة النظام وغلبة القبيلة» الوسط العدد 87، 15 فبراير 2006م. وكانت الخيارات - كما نعتقد- تشكيل حكومة إنقاذ وطني على قاعدة وفاق وطني أوسع، يضع في أجندة المهام الملحة تهيئة الوطن لانتخابات ديمقراطية نزيهة، سواء على المستوى الرئاسي كاستحقاق ملح وضروري ومفصلي لتقدير المسافة إلى المستقبل بالتوافق الديمقراطي، أو انتخابات المجالس المحلية على قاعدة تجذير التجربة ودفعها قدماً على خطى التشارك الجماهيري في إدارة الشئون المحلية بأفق يتسع للجميع، القادر والصالح، وتحت مظلة قانون جديد وبديل يُشرّع لحكم محلي واسع الصلاحيات لا يستثني انتخاب المحافظين من أبناء المحافظات، لتصبح هذه التجربة بشكلها المأمول وسيلة لتغيير مفاهيم المركزية المفرطة بكل ما تجره من مفاسد ومباذل وإعاقة.
ومن نافلة القول أن يتساءل المرء عن جدوى التعديل والتبديل إن لم يكن هناك سياسة واضحة تضع الذين أساؤوا وأفسدوا تحت طائلة القانون، ليرى اللاحقون ماحاق بالسابقين جزاء ما عملوا، وفي أقل تقدير تفعيل أجهزة الرقابة المعنية والتي أشار إليها فخامة الأخ الرئيس في كلمته للحكومة الجديدة بحيث تنفض الغبار عن أضابير الفساد وملفاته وبحيث يشار بالبنان إلى كل مسيء بأسوائه.
إن الذين يظهرون في الصورة وكأنهم فوق القانون والمحاسبة يشكلون عبئاً على الدولة وعلى الوطن، وهم بمثابة حفّار قبور لا ينبغي أن يترك على هواه ليقبر تطلعات أحلام ومستقبل الوطن وأبنائه.
وفي التقدير الأصوب أن يترافق التغيير الحكومي - وقد تمَّ فعلاً- بصلاحيات أوسع في حدود المقدرة على التغيير، بما في ذلك مواجهة أساطين الفساد في المرافق والإدارات بقوة القانون وإحالتهم إلى العدالة إذ لا يعقل أن يجري الحديث عن الفساد على كل لسان، ومن مختلف المرجعيات، دون أن نرى إجراءات تحد منه بالصيغ القانونية التي لا تعفي أحداً مسيئاً مهما تكن مكانته ووجاهته ومواقعه الوظيفية.
إن فترة نصف عام قد لا تكون مجدية، ولكنها قد تكون البداية المأمولة التي ينتظرها المواطنون بفارغ الصبر، إذا جاءت بمنهاج جديد في الإدارة والحكم، يهيل التراب على أجزاء من الخراب الذي أحدثته السياسات السابقة، ويبني طريقاً للعبور إلى بر الأمان والخروج من الأزمة، ما لم فإن ما هو آتٍ (أمرٌ من المُر) كما قال رئيس الوزراء نفسه.
أما إذا تركنا أسفار الثورة والجمهورية والاستقلال لذمة يوم يتطهر فيه المؤرخون من وزر التحليق في سماء ملوثة بالزلفى والتزوير، والاستعاضة بالوحدة التي تجب ما قبلها، فإن تكنوقراط (نصف عام) في التعديل الحكومي، هو نصف إفاقة لن تؤتي ثماراً ترضي الذوق الشعبي أو الذوق الأوروبي المانح، ولن تكون طوق نجاة لدولة سكتت عن المفسدين حتى أصيبت بالسكتة القلبية (أو هي على وشك).
يقول البروفسور روبرت بوروز عن التعديل الحكومي الأخير «بأنه يضم مجموعة موظفين لا أكثر طبقاً لطبيعة النظام وغلبة القبيلة» الوسط العدد 87، 15 فبراير 2006م. وكانت الخيارات - كما نعتقد- تشكيل حكومة إنقاذ وطني على قاعدة وفاق وطني أوسع، يضع في أجندة المهام الملحة تهيئة الوطن لانتخابات ديمقراطية نزيهة، سواء على المستوى الرئاسي كاستحقاق ملح وضروري ومفصلي لتقدير المسافة إلى المستقبل بالتوافق الديمقراطي، أو انتخابات المجالس المحلية على قاعدة تجذير التجربة ودفعها قدماً على خطى التشارك الجماهيري في إدارة الشئون المحلية بأفق يتسع للجميع، القادر والصالح، وتحت مظلة قانون جديد وبديل يُشرّع لحكم محلي واسع الصلاحيات لا يستثني انتخاب المحافظين من أبناء المحافظات، لتصبح هذه التجربة بشكلها المأمول وسيلة لتغيير مفاهيم المركزية المفرطة بكل ما تجره من مفاسد ومباذل وإعاقة.
ومن نافلة القول أن يتساءل المرء عن جدوى التعديل والتبديل إن لم يكن هناك سياسة واضحة تضع الذين أساؤوا وأفسدوا تحت طائلة القانون، ليرى اللاحقون ماحاق بالسابقين جزاء ما عملوا، وفي أقل تقدير تفعيل أجهزة الرقابة المعنية والتي أشار إليها فخامة الأخ الرئيس في كلمته للحكومة الجديدة بحيث تنفض الغبار عن أضابير الفساد وملفاته وبحيث يشار بالبنان إلى كل مسيء بأسوائه.
إن الذين يظهرون في الصورة وكأنهم فوق القانون والمحاسبة يشكلون عبئاً على الدولة وعلى الوطن، وهم بمثابة حفّار قبور لا ينبغي أن يترك على هواه ليقبر تطلعات أحلام ومستقبل الوطن وأبنائه.
وفي التقدير الأصوب أن يترافق التغيير الحكومي - وقد تمَّ فعلاً- بصلاحيات أوسع في حدود المقدرة على التغيير، بما في ذلك مواجهة أساطين الفساد في المرافق والإدارات بقوة القانون وإحالتهم إلى العدالة إذ لا يعقل أن يجري الحديث عن الفساد على كل لسان، ومن مختلف المرجعيات، دون أن نرى إجراءات تحد منه بالصيغ القانونية التي لا تعفي أحداً مسيئاً مهما تكن مكانته ووجاهته ومواقعه الوظيفية.
إن فترة نصف عام قد لا تكون مجدية، ولكنها قد تكون البداية المأمولة التي ينتظرها المواطنون بفارغ الصبر، إذا جاءت بمنهاج جديد في الإدارة والحكم، يهيل التراب على أجزاء من الخراب الذي أحدثته السياسات السابقة، ويبني طريقاً للعبور إلى بر الأمان والخروج من الأزمة، ما لم فإن ما هو آتٍ (أمرٌ من المُر) كما قال رئيس الوزراء نفسه.