> «الأيام الرياضي» عوض بامدهف:

لقطة من احدى مباريات دوري كرة القدم لاندية المؤسسات
لقطة من احدى مباريات دوري كرة القدم لاندية المؤسسات
الموعد: الخميس 21 مارس 1974م,المناسبة: افتتاح نادي وزارة المواصلات بمنطقة جبل رأس مربط بالتواهي,بهذه المناسبة وزعت الجوائز على لاعبي فريق وزارة المواصلات لكرة القدم المشارك في دوري اندية المؤسسات المقام في تلك الفترة، والفائزين في المسابقات الرياضية الداخلية.

كما قدم لاعبو فريق وزارة المواصلات هدية تذكارية لوزير المواصلات وهي عبارة عن كرة قدم عليها توقيعاتهم جميعاً.

ووسط هذه الأجواء الاحتفالية البهيجة والكل في وضع نشوة وانسجام.. فجأة ودون مقدمات قام الأخ أحمد محمد قعطبي، مسؤول النشاط بنادي وزارة المواصلات ورئيس اللجنة الرياضية بقراءة البيان الرياضي الصادر عن نادي وزارة المواصلات والذي جاء أشبه ما يكون بقنبلة موقوتة انفجرت في هذا الحفل فنزلت على الحاضرين نزول الصاعقة المفاجئة وغير المتوقعة وغير المنتظرة.. وعكرت كثيراً صفو هذا الحفل البهيج، وهو البيان الذي اعتبره الرياضيون فيما بعد بمثابة انقلاب كروي في بلاط الكرة اليمنية وعرف في الاوساط الرياضية ببيان انقلاب 21 مارس الكروي الشهير.

وكانت لهذا الانقلاب الكروي آثاره البعيدة المدى بالنسبة لنوعية العلاقات بين اللاعبين والأندية الرياضية.

جاء في مقدمة بيان انقلاب 21 مارس الكروي استعراض عام للمبررات والدوافع التي أدت لاصدار هذا البيان الرياضي وفيما يلي عبارات هذا البيان:

إن جهود اللاعبين في كافة الأندية أصبحت مبعثرة وموزعة بين أكثر من ناد واحد، وإن مثل هذا التغيير لا يخدم لا الرياضيين أنفسهم ولا الحركة الرياضية بمجملها، حيث أنه أصبح لازماً عليهم أن يمارسوا تدريباتهم مع أكثر من ناد واحد لا يستطيعون رفض أحدهما.

كما أن عليهم ان يشتركوا في المباريات مع أكثر من ناد واحد ويعاقبون إن رفضوا اللعب مع أحدهما وهذا يعتبر إنهاكا كبيراً تسببه لهم مثل هذه الالتزامات في أكثر من موقع واحد الى جانب أن مثل هذا الأمر لم يتح لعناصر كثيرة فرصتها للاشتراك في التدريبات والمباريات التي تشاركها فيها الأندية، وتظل تتكرر نفس الصور ونفس الأسماء -هي نفسها - التي في الاندية الاهلية وأندية المؤسسات، وظلت كثير من العناصر المحرومة من ممارسة هواياتها وبالشكل الذي ترغب به إلى جانب أن هذا التبعثر في الجهود يسبب إرهاقاً شديداً للاعبين، مما يعني قصر حياتهم في الملاعب وقلة الفترة التي يمكن أن يخدم المبرزون منهم وطنهم.

وانطلاقاً من فهمنا لهذه الأمور مجتمعة وخدمة للحركة الرياضية في مسارها الطويل، فإن لاعبي كرة القدم في نادي وزارة المواصلات يقررون ما يلي:

1- اعتبارا نادي وزارة المواصلات هو النادي الوحيد الذي يضم عضويتهم العاملة والنادي الوحيد الذي يلتزمون له في كل ما يتعلق بشؤونهم الرياضية.

2- انه ابتداءً من اليوم 21 مارس 1974م فإن اللاعبين يلتزمون بأن تقتصر تدريباتهم والاشتراك في المباريات والمسابقات الودية والرسمية على نادي وزارة المواصلات وحده.

3- ان وضعيتهم كلاعبين ضمن انديتهم الأهلية تعتبر لاغية ابتداءً من 21 مارس 1974م.

4- ان اللاعبين يتقدمون إلى المجلس الأعلى للرياضة والاتحاد اليمني لكرة القدم فرع المحافظة الاولى (عدن) بتحياتهم ويودون الإشارة الى ضرورة دعم هذه الخطوة ويرون أن المبرر الوحيد لفصل مسابقات الأندية الأهلية وأندية المؤسسات الذي كان يتطلب من اللاعب أن يمثل أكثر من ناد واحد قد سقط الآن بالنسبة للاعب نادي وزارة المواصلات ولذا فهم ينظرون بأمل الى أن المجلس الأعلى للرياضة والاتحاد العام لكرة القدم فرع المحافظة الاولى (عدن) أنهم سيقدرون هذه الخطوة وسيشركون فريق نادي وزارة المواصلات في أية مسابقة قادمة سواء للأندية الاهلية أو أندية المؤسسات كما أنهم سيتيحون للفريق الحصول على حقه من توزيع الملاعب خلال أيام الاسبوع.

عند هذا الحد انتهت عبارات بيان انقلاب 21 مارس الكروي، وللحقيقة والأمانة فلقد كان لهذا الانقلاب الكروي الاول من نوعه أصداء واسعة في الاوساط الرياضية في عدن في ذلك الوقت، وقوبل بردود أفعال صاخبة وغاضبة ومظاهر الاستنكار والشجب والتنديد من قبل أندية عدن جميعها.

ومن المفارقات الغريبة أن نادي وزارة المواصلات لم يستفد على الإطلاق من ثمار هذا الانقلاب الكروي الذي قام به وذلك نظراً لانهيار أندية المؤسسات بعد فترة قصيرة من قيام هذا الانقلاب.

ولقد حصد فريقا القوات المسلحة والشرطة الشعبية ثمار هذا الانقلاب الكروي بعد ذلك بفترة قصيرة، وكان أكثر المتضررين من حدوث ذلك فريقي وحدة عدن والتلال حيث فقد الفريقان نخبة من نجوم الكرة اليمنية شكلوا العمود الفقري للفـريقـين دفعـة واحدة وفي موسم واحد.ومن اللاعبين الذين فقدهم نادي وحدة عدن - دفعة واحدة - بانتقالهم الى فريق القوات المسلحة، وهم على سبيل المثال لا الحصر، عبدالله الهرر وعثمان خلب ونبيل سعدان ومحمد جعبل ومنير مدهش وغيرهم.

بينما فقد التلال العديد من لاعبيه دفعة واحدة بانتقالهم الى فريق الشرطة الشعبية وهم على سبيل المثال لا الحصر محمد شرف وعزيز عبدالرحمن وعلي نشطان ونورالدين عبدالغني وغيرهم.

ومن الطريف حقاً أنه وبعد مرور سنوات عدة استفاد فريقا وحدة عدن والتلال من أفضل لاعبي فريقي القوات المسلحة والشرطة الشعبية .. حيث انتقل الكابتن وجدان شاذلي نجم فريق الشرطة ليلعب في صفوف فريق وحدة عدن.. كما انتقل الكابتن عمر البارك نجم فريق القوات المسلحة ليلعب في صفوف فريق التلال.وبهذا نجد أن السحر قد انقلب على الساحر.. وللمستديرة في دورانها المتجدد والغريب والعـجيب شؤون وشجون.

وهكذا فشل انقلاب 21 مارس الكروي بعد صدور بيانه الأول والأخير، لأنه ولد ميتاً ولا مكان له من الإعراب أو التواجد في رحاب الرياضة اليمنية.