> «الأيام» زكريا بن محمد محسن/الحود- الضالع

نظرت في الملذات كلها فلم أجد ألذ طعما من الحب، فإنه للفؤاد بلسم، وللروح نور، وللسلوك مهذب أمين. والحب ليس شهوة أو قضاء وطر، بل إنه وفاء وإخلاص وتضحية.. فهذا كثيّر عزة يُسأل يوماً: «هل نلت من عزة شيئا طول مدتك؟» فيرد: «والله إنما كنت إذا اشتد بي الأمر أخذت يدها فإذا وضعتها على جبيني وجدت لذلك راحة»! وهذا أبوسهل الساعدي يقول: دخلت على جميل وبوجهه آثار الموت فقال لي يا أبا سهل إن رجلا يلتقي الله ولم يسفك دما ولم يشرب خمرًا ولم يأت فاحشة افترجو له الجنة؟ قلت: أي والله فمن هو؟ قال: إني لأرجو أن أكون ذلك فذكرت له بثينة محبوبته، فقال: إني لفي آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم إن كنت حدثت نفسي بريبة قط. فيا سبحان الله ما أعظمهم وما أصدق حبهم، ولله در القائل:

كم قد ظفرت بمن أهوى فيمنعني

منه الحياء وخوف الله والحذر

أهوى الملاح وأهوى أن أجالسهم

وليس لي في حرام منهم وطر

كذلك الحب لا إتيان معصية

لا خير في لذة من بعدها سقر