> «الأيام» عبده يحيى الدباني:
امتداداً لحلقة الأسبوع الماضي حول (وظيفة الأدب) نمضي إلى أن العرب قد دخلوا في دين الله أفواجاً نظراً لأمور كثيرة من أهمها: المعجزة البيانية التي خلبتهم وأفحمتهم في آن واحد، من غير أن يستطيعوا الفكاك من أسرها وأثرها وتحديها، ومن ثم مضوا ينشرون الدين في الأصقاع، ويبنون دولة قوية ومجتمعاً رصيناً جديداً وينكبّون على القرآن الكريم يخدمونه من خلال تأسيس عدد من العلوم اللغوية والدينية والأدبية من مثل: النحو والصرف والبلاغة والتفسير والتجويد وجمع اللغة ورواية الشعر وغيرها. فبوجود القرآن الكريم بين يدى العرب لم يخمل دور الأدب بل استمر وازدهر، لا سيما بعد أن تزود ببلاغة القرآن ونهل من معانيه، وأفاد من العلوم التي ذكرناها فائدة قصوى إلى يومنا هذا. بيد أن ملكة الفصاحة والبيان المتأصلة عند العرب - التي بلغت ذروتها عند نزول القرآن- بدأت بالانحدار منذ ذلك الزمن وإلى زمننا الحاضر وهكذا حتى قيام الساعة، لأن التحدي جاء أولاً لمن هم في الذروة العليا من البلاغة، أما الأجيال التي بعدهم فهم أعجز من ذلك الرعيل الأول أمام تحدي القرآن الكريم لضعف السليقة والفطرة اللغويتين، وهذا أمر طبيعي ومنطقي، كما هو حقيقة تاريخية ولغوية وأدبية لأن الأجيال اللاحقة تعلمت اللغة الفصحى تعلماًَ.
هكذا إذن كانت وظيفة الكلمة الأدبية عند العرب، لقد ارتبطت بالدعوة الإسلامية ارتباطاً مباشراً، وبمعجزتها وتحديها وانتشارها في أصقاع الأرض، كما ارتبطت بغلبة الأمة العربية الإسلامية على سائر الأمم سياسياً ودينياً وثقافياً ولغوياً وأدبياً وحضارياً.
وكثيراً ما أشار القرآن الكريم إلى أثر الكلمة البليغة في النفوس وسلطانها عليها، وهو بهذه الإشارات يحدد وظيفة للأدب، قال تعالى {وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً} وطلب موسى عليه السلام من ربه أن يرسل معه أخاه هارون لأنه أفصح منه لساناً، والشواهد كُثر. وكذلك نوهت الأحاديث بأهمية الكلمة وخطورتها وأثرها، ولقد أراد الإسلام عموماً أن يطوع الأدب لخدمة القيم الإسلامية الحميدة ويسخّر الكلمة في سبيل الدعوة الإسلامية وشريعتها وروحها العامة. وطالما تغنى الشعراء بدور الكلمة الأدبية أو الشاعرة، ونوهوا بخطرها وسلطانها، وقديماً قالوا «وجرح اللسان كجرح اليد» وإذا كان الشاعر العباسي أبو تمام قد قال في بائيته الشهيرة في فتح عمورية:
السيف أصدق إنباءً من الكتب ِ
في حدّه الحدُّ بين الجد واللعبِ
فإنه يقصد بالكتب هنا: كتب المنجمين وليس كتب الأدب والشعر وغيرها، فهو نفسه القائل:
إن يختلف نسبٌ يؤلف بيننا
أدبٌ أقمناه مقام الوالدِ
وهو القائل كذلك:
ولولا خلالٌ سنّها الشعرُ ما درى
بغاة الندى من أين تؤتى المكارمُ
وهذا ينسجم مع القول المأثور: «الشعر ديوان العرب».
وللحديث بقية .
[email protected]
هكذا إذن كانت وظيفة الكلمة الأدبية عند العرب، لقد ارتبطت بالدعوة الإسلامية ارتباطاً مباشراً، وبمعجزتها وتحديها وانتشارها في أصقاع الأرض، كما ارتبطت بغلبة الأمة العربية الإسلامية على سائر الأمم سياسياً ودينياً وثقافياً ولغوياً وأدبياً وحضارياً.
وكثيراً ما أشار القرآن الكريم إلى أثر الكلمة البليغة في النفوس وسلطانها عليها، وهو بهذه الإشارات يحدد وظيفة للأدب، قال تعالى {وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً} وطلب موسى عليه السلام من ربه أن يرسل معه أخاه هارون لأنه أفصح منه لساناً، والشواهد كُثر. وكذلك نوهت الأحاديث بأهمية الكلمة وخطورتها وأثرها، ولقد أراد الإسلام عموماً أن يطوع الأدب لخدمة القيم الإسلامية الحميدة ويسخّر الكلمة في سبيل الدعوة الإسلامية وشريعتها وروحها العامة. وطالما تغنى الشعراء بدور الكلمة الأدبية أو الشاعرة، ونوهوا بخطرها وسلطانها، وقديماً قالوا «وجرح اللسان كجرح اليد» وإذا كان الشاعر العباسي أبو تمام قد قال في بائيته الشهيرة في فتح عمورية:
السيف أصدق إنباءً من الكتب ِ
في حدّه الحدُّ بين الجد واللعبِ
فإنه يقصد بالكتب هنا: كتب المنجمين وليس كتب الأدب والشعر وغيرها، فهو نفسه القائل:
إن يختلف نسبٌ يؤلف بيننا
أدبٌ أقمناه مقام الوالدِ
وهو القائل كذلك:
ولولا خلالٌ سنّها الشعرُ ما درى
بغاة الندى من أين تؤتى المكارمُ
وهذا ينسجم مع القول المأثور: «الشعر ديوان العرب».
وللحديث بقية .
[email protected]