> د. سمير عبدالرحمن الشميري:
للقراءة طقوس لذيذة لا يفهمها إلا من أدمن حب الكتب والمكتبات وعشق الأحرف وكسر شرنقة التيبس الفكري,فصالات القراءة فيها جو من الرهبة والخشوع، فيها نسمع همس الكتب وهتافها الروحي ومناجاتها لعقولنا وأفئدتنا.
منذ نعومة أظفارنا تعلمنا القراءة في البيت والمدرسة والمكتبات، وتعزز هذا الحب للقراءة عندما وطنا أنفسنا على شراء الكتب والصحف والمجلات ومتابعة آخر الإصدارات في عالم النشر، تعلمنا لغة الإشارات والكلام المهموس في قاعات المطالعة وقت الضرورة.
فمكتبة مسواط (كريتر - عدن) فتحت أعيننا على العالم ووطدت صداقتنا بالكتب والمجلات وزرعت في نفوسنا عشق القراءة ورعشة التساؤل وحب الاطلاع.
وفي سنوات الدراسة الأكاديمية زاد نهمي للقراءة وتمتنت صداقتي بالكتب والمكتبات وتأثرت كثيرا بقامات الفكر والثقافة الذين أكلت الكتب أبصارهم، ولا يبارحون المكتبات إلا عندما توصد أبوابها ويكونون أول الوافدين إليها في الصباح الباكر.
فالكتاب غذاء للعقل والروح، وعندما يتقاطر الناس على المكتبات ويبتاعون الكتب ويلهثون وراء الإصدارات الجديدة، يؤشر ذلك على سمو الوعي ونهضة العقل.
ففي أوروبا يصدر سنويا سبعة كتب لكل مواطن، وأحد عشر كتابا لكل مواطن أمريكي، مقابل كتاب واحد لكل ربع مليون عربي في السنة.
لقد وجه مرة عميد الأدب العربي د. طه حسين نقدا للشباب حيث قال:
«إنهم لاهون عن القراءة تجذبهم أضواء السينما والتلفزيون ينشغلون بها عن قراءة أمهات الكتب التي تفتح لهم آفاقا واسعة، وتضيء أمامهم الطريق وتخلق منهم المثقف الواعي المستنير، فالشباب الذين يعرفون اللغة العربية عليهم أن يدرسوا الأدب العربي القديم والحديث، والذين يعرفون اللغات الأجنبية عليهم أن يطلوا منها على العالم الرحب الفسيح للفكر والثقافة الأجنبية وهذه الوسيلة الوحيدة لكي ينتجوا شيئا ذا بال».
فالقراء في مكتباتنا على قلتهم ليسوا من الطراز الرصين، فقسط منهم يدلفون المكتبات لا للبحث عن المعارف والعلوم، بل للاسترخاء والتمتع بهواء المكيفات وللتعارف والدردشة مع الأصدقاء.
فعدم احترام قدسية المكتبات مظهر من مظاهر التقهقر المجتمعي. فالمكتبات عنوان لحضارة المجتمعات وتمدنها، وتعتبر جزءاً من الهوية الحضارية للشعوب، وكل شعب من الشعوب يفتخر بعلمائه ومثقفيه ومكتباته، فالفرنسيون يفتخرون بمكتبة السوربون التي أسست عام 1257م، والإنجليز يفتخرون بمكتبة أكسفورد التي أسست عام 1603م، والأمريكيون يفتخرون بمكتبة الكونجرس التي أسست عام 1800م، ونحن كعرب نفتخر بمكتبة بيت الحكمة في بغداد التي أنشئت عام 813م، والمصريون جذلون بمكتبة الإسكندرية ونشاركهم الفخر والاعتزاز، فهذه المكتبة تأسست علم 288 ق.م وأعيد افتتاحها عام 2002م، وتقدر مساحتها بـ 40200 متر مربع ويعمل فيها 1517 موظفا حيث تتسع قاعات القراءة لألفي قارئ.
فالمكتبات في بلادنا قليلة وشحيحة بمحتوياتها، ومن أقدم المكتبات اليمنية مكتبة الجامع الكبير في صنعاء (1925م)، ومكتبة الشعب في المكلا (1930م)، ومكتبة مسواط في عدن (1935م).
وهناك مكتبات أكاديمية تخصصية بألوان طيفية تحتاج لدعم وعناية من المراجع المسئولة.
لقد دهشت مرة عندما دخلت مكتبة (...)، فوجدت الشباب يساجلون بعضهم بعضا بأصوات صاخبة، وآخرون يتبادلون الرسائل عبر الهواتف الجوالة، وقسط ثالث يتلذذون بسماع الأغاني للترويح عن النفس.. ويقف موظفو المكتبة مكتوفي الأيدي لا يلفتون انتباه الزائرين إلى ضرورة الاحتشام وعدم جرح الذوق العام.
يقول الأستاذ د. عبدالعزيز المقالح: «ولا أخفي أنني عندما أكون في المكتبة أشعر أنني أسمع إلى أصوات بعدد الكتب الموجودة في المكتبة، أصوات لقدماء ومعاصرين، لفلاسفة وشعراء وروائيين ونقاد، وهذا التخيل- في حد ذاته- يضيف حالة من السعادة والإحساس بالزهو».
لنتعلم ثقافة الصمت، ولباقة الحوار مع الكتب، وتقنية مناجاة الروح والوجدان الذهني، والإبحار في شبكة الإنترنت، والغوص في بطون الكتب والمجلات والدراسات والمخطوطات، واصطياد المعارف واكتناز المعلومات لمواجهة الانعتام وإزاحة الفقر المعرفي دون صخب أو ضجيج يسمم الهدوء ويستفز مشاعر القراء في قاعات المطالعة.
منذ نعومة أظفارنا تعلمنا القراءة في البيت والمدرسة والمكتبات، وتعزز هذا الحب للقراءة عندما وطنا أنفسنا على شراء الكتب والصحف والمجلات ومتابعة آخر الإصدارات في عالم النشر، تعلمنا لغة الإشارات والكلام المهموس في قاعات المطالعة وقت الضرورة.
فمكتبة مسواط (كريتر - عدن) فتحت أعيننا على العالم ووطدت صداقتنا بالكتب والمجلات وزرعت في نفوسنا عشق القراءة ورعشة التساؤل وحب الاطلاع.
وفي سنوات الدراسة الأكاديمية زاد نهمي للقراءة وتمتنت صداقتي بالكتب والمكتبات وتأثرت كثيرا بقامات الفكر والثقافة الذين أكلت الكتب أبصارهم، ولا يبارحون المكتبات إلا عندما توصد أبوابها ويكونون أول الوافدين إليها في الصباح الباكر.
فالكتاب غذاء للعقل والروح، وعندما يتقاطر الناس على المكتبات ويبتاعون الكتب ويلهثون وراء الإصدارات الجديدة، يؤشر ذلك على سمو الوعي ونهضة العقل.
ففي أوروبا يصدر سنويا سبعة كتب لكل مواطن، وأحد عشر كتابا لكل مواطن أمريكي، مقابل كتاب واحد لكل ربع مليون عربي في السنة.
لقد وجه مرة عميد الأدب العربي د. طه حسين نقدا للشباب حيث قال:
«إنهم لاهون عن القراءة تجذبهم أضواء السينما والتلفزيون ينشغلون بها عن قراءة أمهات الكتب التي تفتح لهم آفاقا واسعة، وتضيء أمامهم الطريق وتخلق منهم المثقف الواعي المستنير، فالشباب الذين يعرفون اللغة العربية عليهم أن يدرسوا الأدب العربي القديم والحديث، والذين يعرفون اللغات الأجنبية عليهم أن يطلوا منها على العالم الرحب الفسيح للفكر والثقافة الأجنبية وهذه الوسيلة الوحيدة لكي ينتجوا شيئا ذا بال».
فالقراء في مكتباتنا على قلتهم ليسوا من الطراز الرصين، فقسط منهم يدلفون المكتبات لا للبحث عن المعارف والعلوم، بل للاسترخاء والتمتع بهواء المكيفات وللتعارف والدردشة مع الأصدقاء.
فعدم احترام قدسية المكتبات مظهر من مظاهر التقهقر المجتمعي. فالمكتبات عنوان لحضارة المجتمعات وتمدنها، وتعتبر جزءاً من الهوية الحضارية للشعوب، وكل شعب من الشعوب يفتخر بعلمائه ومثقفيه ومكتباته، فالفرنسيون يفتخرون بمكتبة السوربون التي أسست عام 1257م، والإنجليز يفتخرون بمكتبة أكسفورد التي أسست عام 1603م، والأمريكيون يفتخرون بمكتبة الكونجرس التي أسست عام 1800م، ونحن كعرب نفتخر بمكتبة بيت الحكمة في بغداد التي أنشئت عام 813م، والمصريون جذلون بمكتبة الإسكندرية ونشاركهم الفخر والاعتزاز، فهذه المكتبة تأسست علم 288 ق.م وأعيد افتتاحها عام 2002م، وتقدر مساحتها بـ 40200 متر مربع ويعمل فيها 1517 موظفا حيث تتسع قاعات القراءة لألفي قارئ.
فالمكتبات في بلادنا قليلة وشحيحة بمحتوياتها، ومن أقدم المكتبات اليمنية مكتبة الجامع الكبير في صنعاء (1925م)، ومكتبة الشعب في المكلا (1930م)، ومكتبة مسواط في عدن (1935م).
وهناك مكتبات أكاديمية تخصصية بألوان طيفية تحتاج لدعم وعناية من المراجع المسئولة.
لقد دهشت مرة عندما دخلت مكتبة (...)، فوجدت الشباب يساجلون بعضهم بعضا بأصوات صاخبة، وآخرون يتبادلون الرسائل عبر الهواتف الجوالة، وقسط ثالث يتلذذون بسماع الأغاني للترويح عن النفس.. ويقف موظفو المكتبة مكتوفي الأيدي لا يلفتون انتباه الزائرين إلى ضرورة الاحتشام وعدم جرح الذوق العام.
يقول الأستاذ د. عبدالعزيز المقالح: «ولا أخفي أنني عندما أكون في المكتبة أشعر أنني أسمع إلى أصوات بعدد الكتب الموجودة في المكتبة، أصوات لقدماء ومعاصرين، لفلاسفة وشعراء وروائيين ونقاد، وهذا التخيل- في حد ذاته- يضيف حالة من السعادة والإحساس بالزهو».
لنتعلم ثقافة الصمت، ولباقة الحوار مع الكتب، وتقنية مناجاة الروح والوجدان الذهني، والإبحار في شبكة الإنترنت، والغوص في بطون الكتب والمجلات والدراسات والمخطوطات، واصطياد المعارف واكتناز المعلومات لمواجهة الانعتام وإزاحة الفقر المعرفي دون صخب أو ضجيج يسمم الهدوء ويستفز مشاعر القراء في قاعات المطالعة.