> أديب قاسم:

يرى علماء الطبيعة أن الله جلت قدرته وحكمته عندما ينزل الأمطار رحمة بمخلوقاته التي أنشأها وتكفل بحياتها، قضت حكمته أن يهطل المطر بقدر على الأرض التي تنتفع به وتنفع الكائنات. فالمطر لا يهطل على رمال الصحارى، وقد يأتي رذاذاً ربما غير ذي معنى أو كان رحمة .. كذلك البرق (وهو عنصر من عناصر الطاقة) إذ يمنح الأرض كلما لاح 18 % من ثاني أكسيد الكربون لا يزيد، بل لقد قضت حكمة المولى الذي يأتي كل شيء بقدر أن التربة إذا كانت مشبعة بنسبة 10 % من هذا العنصر فإن البرق يكمل لها حاجتها فيمنحها 8% لا تزيد، وأما الأرض الشبعى فلا يعطيها شيئاً. وهكذا عدل السماء من لدن رب حكيم رحيم بمخلوقاته لا يظلم أحداً .

والآن، لننظر إلى عدالة الأرض (أو بالأحرى: أهلها) ..حدث مع موجة الصيف الراهن بحرهّ اللاهب أن ظفرت المؤسسة العامة للكرباء (في محافظة عدن) المعروفة بصيفها القائظ الذي يشوي الجلود وكأن الشمس تعشقنا فتضمنا إلى صدرها حتى تستنزف آخر قطرة عرق!.. حدث أن ظفرت هذه المؤسسة بـ10 أو 15 مولداً كهربائياً لتوزيعها على مديريات المحافظة أو مناطقها بحسب التقسيم الطبغرافي لمناطق الظل ومناطق الحر وربما بحسب الكثافة السكانية .. فماذا صنعت جهة الاختصاص في الدولة ذات العلاقة؟..حدثني مسئول شريف من قاع هذا الشعب أن قطاع الكهرباء في المنطقة الثانية (الشيخ عثمان تحديداً) طلب تزويده بما لا يقل عن 5 مولدات لتغطية حاجة المنطقة حيال (موجة طفي لصي) التي أسالت دموع الأطفال وأحرقت جلود العجزة وأنهكت المرضى فزادتهم مرضا .. وحرمت الطالب من استكمال دروسه وشدت أيدي النساء إلى السماء تستغيت الله (أحكم الحاكمين) من ظلم العباد للعباد ! فما الذي أعقب هذا الطلب والتشفع إلى الله؟

جهة عليا في الدولة رأت أن منطقة (خور مكسر ) التي تشرف على البحر .. وذات المباني غير المزدحمة.. والأقل عدداً في السكان وهي إلى ذلك منطقة مفتوحة تستحق 7 مولدات (لغط يدور بين كثير من الناس أن بيوت كبار القوم تقع في هذه المنطقة و..و..و الخ )... وأن منطقة الشيخ عثمان بزحامها الرهيب من المباني إلى درجة أن سدت الطرقات والمتنفسات التي خضعت (في أيام الريل) إلى تخطيط دقيق من قبل المستعمر (البغيض) وقد أخد بعين الاعتبار احتمال الزيادة في عدد سكانها مثلما هو واقعها في يوم الناس هذا وقد غدت أضخم مدن عدن ... رأت هذه الجهة (الحكيمة) أنها لا تستحق أكثر من مولدين كهربائيين (!!!)؟

قال رجل فرنسي مرة لامرأة هي طالبة مصرية تدرس في فرنسا :

«أنتم العرب لا تفكرون ..لا تخططون» ونسي هذا (الأخ) الفرنسي : أننا أيضاً لا نعرف معنى العدل ولم نعد نرحم .. فلا يؤخد لفقيرنا من غنينا .. ولا يرحم قوينا ضعيفنا .. وأن الديمقراطية عندنا عرجاء وهي من تصانيف الغرب حسب مزاجه .. وأن التقسيم الطبغرافي في اليمن لا يقوم على المرتفعات والمنخفضات بل على القبيلة الأشد بأساً والقبيلة المستضعفة ... وأن أهالي عدن لا قبيلة لهم غير وجه الله، وبعد أن تشكلت من أعراقهم أقدم وحدة يمنية، بل إنسانية عالميةcosmopolitan! وفي جميع المراحل التاريخية السياسية يقال لهم: اشربوا من البحر !.. وكلوا من لحى الشجر!.. فالحمى لكم والبرد لنا.. أما (المساواة) فلو أن السماء انطبقت على الأرض لاستطعنا جميعنا أن نصطاد القُبّرات !