> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

لقد مر معنا حديث النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم «أحبوا الله لما يغذوكم به من نعم» الحديث.. فيجب علينا أن نحب هذا الإله العظيم خالق الخلق وباسط الرزق ومالك الملك.

ولماذا لانرضى به ربا، وبطاعته حبا وهو رب كل شيء «قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء؟» (الأنعام 164) «لا إله إلا هو يحيى ويميت، ربكم ورب آبائكم الأولين» (الدخان 8).

ولماذا لانرضى به معطيا متفضلا منعما، وعطاءه وفضله ونعمته تدل على محبته لنا «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد» (فاطر 15).

ولماذا لانحب ما أحبه لنا من دين وهو اختاره ورضيه وأمر به «ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين» (آل عمران 85).

ولماذا لانسلم له إسلام محبة، ونحبه محبة استسلام وخضوع وانقياد «أفغير دين الله يبغون، وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها» (آل عمران 83).

إن المؤمن والمؤمنة يحبان ربهما ومالكهما وخالقهما ورازقهما محبة عظيمة لما منَّ عليهما من التوحيد، والإسلام، والإيمان، والإحسان، فضلا عن النعم الحسية المادية المشهودة، والحق جل في علاه يريد لنا الخير واليسر والرحمة والبركة، ولذلك (حبب) إلينا الإيمان، لأنه فطرة الله التي فطر عليها الخلق، وصبغة الله التي صبغ بها الوجود، ولون بها الكون، وكون بها المخلوقات ودون بها الأقدار، ورفع عنها الأقذار، وهدانا إليه، ودلنا عليه، وجعل في قلوبنا حبه، وهيأ لنا وده وقربه «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا» (مريم 96).

المسلم والمسلمة يجب أن يحبا ربهما تبارك وتعالى حبا عميقا عميما صادقا خالصا راسخا شامخا، منيبا مجيبا، لأن (حب الله) هو النور مقابل الظلمات«ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور» (النور 40)، ولأن (حب الله) طهر طيب، مقابل عهر خبيث «يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث» (الأعراف 157)، ولأن (حب الله) حياة مقابل الموت «أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات».

ولأن (حب الله) هدى بعد الضلال «فماذا بعد الحق إلا الضلال» (يونس 32). والذي يحب الله يجب أن يستجيب لندائه، مثلما يتقلب في عطائه، ويستنير بضيائه ويعيش في نعمائه «استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له» (الشورى47)، وما أكثر ما نادانا الله به من نداء الحب الندي الزكي بقوله «يا أيها الذين آمنوا»، حتى قال ابن مسعود «إذا سمعت يا أيها الذين آمنوا فارعِها سمعك، وافتح لها قلبك، لأن ما بعدها إما أمر تلتزمه، وإما نهي تتركه، وإما توجيه تأخذ به».

وهذا هو نداء (الحب الإلهي) الذي أثبت محبته لعباده من خلال مناداتهم بنداء الإيمان الحبيب، لأنه هو الأثير لدى القلوب، والمحبوب عند النفوس، والمقبول في العقول، والحي في الوجدان، والمتغلغل في سراديب الشعور.

إن الله يحبنا، ينادينا، يدعونا، يبحث عنا لنعود إليه، يسأل عنا في كل ليلة «ألا من مستغفر فأغفر له»، لكي ننقى من الذنوب «ألا من داعٍ فأستجيب له» لكي نرقى بالدعاء «ألا من صاحب حاجة فأقضيها له» لكي نلقى عنده كل شيء إذا لقيناه، أما إذا فقدناه فإننا نشقى شقاءً أبديا.

وهذا مالايريده لنا محبوبنا الأعظم إذ يقول«ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم» (النساء 147).

فله الحمد كما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

مدرس بكلية التربية

جامعة عدن