> «الأيام» فاروق الجفري:

عندما كان الفنان المكسيكي (ديجو رفيرا) في أمريكا عام 1954م طلب منه (بيتر لاوز) مالك عمارة (امباير ستيت) وهي إحدى ناطحات السحاب في نيويورك أن يرسم له صورة (لينين) رمز الشيوعية في مدخل عمارته.

علما بأنه توجد أمام عمارة (امباير ستيت) عمارة أخرى وفي مدخلها صورة (روكفلر) رمز الرأسمالية في أمريكا.

وقد قام الفنان (ديجو رفيرا) بوضع اللمسات الأولى لصورة (لينين) على مدخل عمارة (امباير ستيت)، ولكن في اليوم التالي فوجئ بأن هناك من قام بإزالة كل مارسمه من مخطط أولي باللون الأسود.. فما كان عليه إلا أن يغادر أمريكا إلى وطنه المكسيك سالما.

إن الأجهزة الأمنية في نيويورك هي التي قامت بإزالة التخطيط الأولي لصورة (لينين)، خوفا أن تقع فتنة بين الشباب الأمريكي ممن يؤيد الشيوعية وممن يؤيد الرأسمالية في مدينة نيورك .

خلاصة القول إن إزالة صورة (لينين) هو إصدار حكم عليها بعدم صلاحيتها في أمريكا.. وهو ليس حكماً فنياً، وإنما حكم سياسي يمكن إعادة تأمله في يومنا هذا بعد انهيار الشيوعية في روسيا وتفتيت الاتحاد السوفيتي إلى دول لا دولة واحدة. وثورة شعوب الاتحاد السوفيتي على النظام الديكتاتوري القديم دفعها إلى تحطيم جميع تماثيل وصور (لينين) المنتشرة على طول وعرض الاتحاد السوفيتي (سابقا) .

وهكذا على الباغي تدور الدوائر.. فكل الأمور التي يصاحبها القمع والقهر والإرهاب لابد أن يأتي الزمن ليغيرها إلى مافيه صلاح الإنسان.

وقد وجدنا في الاتحاد السوفيتي (سابقا) وفي دول أخرى كيف يتسلل الضغط على كبار الفنانين ليغيروا من نهجهم وقيمهم، ولكن ذوي الصلابة المؤمنين برسالتهم الفنية الصادقة قلما يستجيبون للسلطات الحاكمة في بلدانهم، ويتحملون كل أنواع الاضطهاد والمطاردة، لأن العمل الفني الهادف الملتزم يبقى بقيمه، ولا يتأثر بالزوابع المؤقتة.