> «الأيام» متابعات
الرأس مائلة على جانب واحد .. علامات المرض .. الصمت مع التفكير في الإجابة ، بطريقة ما .. هذا هو أوسكار تاباريز مدرب أوروجواي المعتروف.
ويبدو أن هذا العمل وصل إلى مرحلة استثنائية فعندما تولى تاباريز تدريب منتخب أوروجواي للمرة الأولى في 1988 كان بغرض تحسين صورة المنتخب بعد عار كأس العالم 1986عندما وصلت طريقة لعب المنتخب العنيفة إلى قمتها بطرد خوسيه باتيستا بعد 56 ثانية فقط ضد أسكتلندا.
واستمرت أعمال الشغب لمدة 17 دقيقة بمشاركة اللاعبين والمدربين والجماهير والصحفيين، وعانى تاباريز من جرحين قطعيين في وجهه بسبب عدسة كاميرا وانتهت أعمال الشغب عندما عض كلب بوليسي إسمه رون حارس بوكا نافارو "المونو" (القرد) مونتويا ، ونتج عن ذلك نزيف من جرح في الفخذ.
وحصد لقب الدوري مع بوكا ليضيفه إلى جانب لقب ليبرتادوريس مع بينيارول في 1987 ، لكن تسعينيات القرن الماضي شهدت خفوت نجمه ، وقضى فترتين مع كالياري ، وفترة قصيرة مع ميلان ، وموسم واحد مع أوفيدو وعاد إلى الأرجنتين مع فيليز سارسفيلد وبوكا مرة أخرى ، وبعد ذلك ، ظل تاباريز ، بلا عمل لأربع سنوات.
ولمدة 12 عاماً أشرف تاباريز على كل شيء من تطوير الناشئين ، حتى الفريق الكبير ، وقاد المنتخب لقبل نهائي كأس العالم 2010 ثم لقب كوبا أمريكا في العام التالي .. ولم تغب أوروجواي عن بطولة ، تحت قيادته وبدأ ببطء في إعادة تشكيل كرة القدم في أوروجواي.
وعلى جدار منزله في مونتفيدييو ، كتب تاباريز مقولة منسوبة إلى المناضل "تشي جيفارا" : "يجب أن تقوي نفسك بدون فقدان حنانك".
ويتضمن كتابهما مقابلة مطولة مع تاباريز يتحدث فيها عن مناقشته مع المخضرمين في نهاية ثمانينيات القرن الماضي عن هذا الانتصار واقتناعه بضرورة تحويل الكفة من محارب إلى صاحب كفاءة.
ولفعل ذلك يحتاج الأمر إلى وقت ، وإيمان ، ويجب تحقيقه ، بدون فقدان كرة القدم في أوروجواي ، لثوابتها.
وما يحدث لأوروجواي في هذه البطولة، هو جزء من التطور الكبير لكن تاباريز لو نجح سيكون حقق عكس مقولة جيفارا وجعل طريقة اللعب أكثر رقة دون أن تفقد صرامتها.
ما تزال إجاباته في المؤتمرات الصحفية تنم عن الذكاء والوضوح وما يزال هذا المدرب مثل ضابط الشرطة النزيه .. الرجل الذي تضم سيرته الذاتية العمل كمدرس ابتدائي، وتهدئة جابرييل باتيستوتا خلال أعمال شغب في سانتياجو بينما كان ينزف بسبب جرح في وجنته دون أن يشعر بالمفاجأة.
تاباريز أكبر سناً الآن ولم يعد شعره كثيفاً وبدا أخف من الماضي ، هو يعاني من مرض عصبي نادر ، إسمه (متلازمة جوليان باري) ، وهو أحد الأمراض المناعية الذاتية حيث يقوم فيها الجهاز المناعي بتدمير الأعصاب السليمة مما يسبب الاحساس بالتنميل ، وضعف العضلات وخلل في التوازن ، ما يجبره على السير وهو يتكئ على عصا على الأقل وفي بعض الأحيان باستخدام عكازين أو كما حدث في نسخة الاحتفال بمرور 100 عام على كوبا أمريكا قبل عامين ، عندما كان يجلس على كرسي كهربائي ورفض الحديث عن تفاصيل مرضه تماماً ، وشدد عدة مرات أنه لا يؤثر على عمله مع اللاعبين.
وتحقق ذلك عندما بلغ دور الستة عشر في 1990 ولمعت سمعة تاباريز وانتقل لتدريب فريق بوكا جونيورز وتضمن ذلك المواجهة المروعة ضد كولو كولو بطل تشيلي في قبل نهائي كوبا ليبرتادوريس في 1991.
وأصبح رون "الكلب الذي عض القرد" بطلاً قومياً بينما عاد بوكا الذي خسر 3-2 في مجموع المباراتين إلى الأرجنتين بالعار ، وغُرم بمبلغ 98 مليون بيزو.
وربما لم يكن ليعود لكن عندما خسرت أوروجواي أمام أستراليا في ملحق تصفيات كأس العالم 2006 أصبح من الواضح أن بلاده بحاجة إليه، وكانت الوظيفة المثالية ليس للتأهل إلى بطولة أو الفوز بالألقاب لكن لإعادة تشكيل وجه كرة القدم في البلاد.
لكن ما زالت هناك حالة من الولاء لأسطورة المنتخب الصارم ففي العدد الأخيرة لصحيفة الـ "باييس" كتبت أن الجماهير في أوروجواي مرتبطة بفكرة البطل "المقاتل أكثر من صاحب الكفاءة والشجاع وليس الأنيق".
وما زالت ثورة تاباريز ، تؤمن بالفوز والمثابرة والعزيمة، وفعل كل ما يمكن ، لكنه يؤمن أن الطريقة الأكثر فاعلية لفعل ذلك هي التمرير ، بدلاً من محاولة إفساد الأمور ، وهذه النسخة من أوروجواي تحتفظ بذلك .
لكن الآن تملك أكثر من ذلك ، ويقول جيراردو كايتانو وريكاردو بينيروا في كتابهما "أوروجواي في كؤوس العالم" أن فوز أوروجواي على البرازيل، في نهائي كأس العالم 1950 في ريو دي جانيرو تم ترجمته بشكل خاطئ ووصفه بأنه فوز ضد الشجاعة ، وليس الإمكانات ، فيما أنه كان التفوق على الإثنين.
ولفعل ذلك يحتاج الأمر إلى وقت ، وإيمان ، ويجب تحقيقه ، بدون فقدان كرة القدم في أوروجواي ، لثوابتها.
وما يحدث لأوروجواي في هذه البطولة، هو جزء من التطور الكبير لكن تاباريز لو نجح سيكون حقق عكس مقولة جيفارا وجعل طريقة اللعب أكثر رقة دون أن تفقد صرامتها.