> رصد/ رائد محمد الغزالي

 يواصل معلمو ومعلمات مديريات ردفان في محافظة لحج إضرابهم الشامل، بناءً على دعوة النقابة العامة في الجنوب، التي دعت جميع المعلمين في المحافظات الجنوبية والشرقية إلى تنفيذ إضراب كلي عن التدريس للعام الدراسي الحالي 2018/ 2019، حتى تستجيب الحكومة لمطالبهم وإعطائهم مستحقاتهم، لتتحسن أوضاعهم المعيشية، لاسيما مع ارتفاع الأسعار، وانهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.

ويمر المعلمون وموظفو كل القطاعات الحكومية بظروف صعبة، وذلك لعدم قدرتهم على تلبية احتياجات ومتطلبات أسرهم المعيشية، بسبب الغلاء الفاحش، وقلة مرتباتهم.
«الأيام» التقت بعدد من المعلمين في ردفان، حيث بدأنا مع رئيس نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين بردفان، محمد عبد الله الخريشي، الذي قال إن «مدارس مديريات ردفان استجابت بشكل كامل لدعوة النقابة العامة الجنوبية بتنفيذ الإضراب، ونحن نفذنا ذلك وسنستمر فيه حتى ننال حقوقنا أو تتحسن أوضاعنا، كوننا الآن نمر بأسوأ وضع، وأكثر من ذلك لا نستطيع أن نتحمله».

وأضاف: «نقدر تقديرا عاليا حاجة الطلاب وأولياء الأمور للتعليم ونحن حريصون على ذلك، ولقد أوقفنا الإضراب في العام الماضي لأننا قدرنا طلابنا لنيل حقهم في التعليم، ولكن هذا العام وحتى الآن سنستمر، كون هناك حقوق للمعلمين ولابد أن ننالها».
وتابع: «هناك معلمون لا تكفيهم مرتباتهم لتوفير متطلبات العيش، فلجأوا إلى العمل في أعمال أخرى، كي يوفروا احتياجاتهم اليومية.. ودعني أسألك: ماذا ستلبي ثلاثين ألف ريال لكثير من المعلمين أو خمسين ألفا؟».
وأوضح الخريشي: «راتبي كان أكثر من ألف ريال سعودي، واليوم أصبح نصفه، باختصار ظروفنا صعبة ولابد من إيجاد الحلول السريعة».

مطالب حقوقية
بدوره، قال رئيس قسم الرقابة بإدارة التربية والتعليم في مديرية الملاح فضل عبد الله دعري: «ما نطالب به حقا من حقوقنا كمواطنين قبل أن يكون لنا كمعلمين، لأننا نريد أن نعيش عيشا كريما».
وأضاف لـ «الأيام»: «صبرنا العام الماضي رغم أن الوضع كان صعبا، ومرتباتنا الآن لم تعد قادرة على تلبية المتطلبات، والعام الماضي كنا سننفذ إضرابا كليا لكن حرصنا على تعليم أبنائنا وبناتنا، وضحينا من أجل ذلك، لكن هذا العام، والجميع يعلم بقسوة العيش والغلاء، لابد من وقفة حتى تحقيق مطالبنا، فالأمر ليس سهلا على الجهات المسؤولة».

الفساد سبب تدهور الوضع
من جانبه، قال المعلم عبد الحكيم العيسائي: «مطالبنا حقوقية ونحن في محافظات محررة ومن المخجل أن تتدهور الأوضاع فيها».
وأضاف: «إن سبب تدهور وضعنا كمعلمين بصفة خاصة نتيجة لظروف الحرب ليس حُجّة، فهذا ليس عذرا منطقيا، بل السبب يعود للفساد الذي صبرنا عليه منذ ثلاث سنوات، ولقد صبرنا عاما بعد عام، وقلنا يجب أن نعطي المسؤولين القائمين على هذه المحافظات فرصة كي يلتفتوا إلينا، لكن الفساد تضاعف، وهناك مليارات نُهبت وتم التلاعب بها، ولم يكترث أولئك المسؤولون بمعاناة المواطن، لأنهم في نهاية الأمر يتحججون بالحرب كوسيلة لقتل المواطن».
مدرسة أخرى
مدرسة أخرى

وتابع: «كفانا عبثا، فمن المفترض أن يعيش الناس في هذه المحافظات باستقرار، وأن يقبضوا مرتبات بالعملة الخارجية».

تجاهل المعلم ضرب للتعليم
أما المعلم فكري الدعجري، فيقول إن «الأمم لا تقاس إلا بالتعليم والثقافة، ولكن أصبح الجهل يخيم علينا، ابتعدنا عن الحقيقة التي تعلمنا منها خلال مراحل دراستنا الحرية والحقوق والواجبات».
وأضاف: «كل ذلك يندرج تحت هدف واحد، وهو أن يعيش الشعب في مستوى واحد من الحياة المعيشية، لكن هذه الأفكار والقيم ضاعت».

وتابع «أصبح المعلم اليوم في بلادنا بالدرك الأسفل من مستوى الشعب، فلماذا كل هذا التجاهل؟ هل لأنهم يريدون شعبا جاهلا في عهدهم؟!».
وأشار الدعجري إلى أن «المعلم ونقابته طالبوا ولازالوا يطالبون بحقهم الشرعي»، حد قوله.

وقال: «الحكومة ملزَمة بتنفيذ مطالبنا، وهي الدرجات الوظيفية وتسوية حقوق المعلمين 2011م، وطبيعة عمل للمعلم والفوارق والعلاوات السنوية وتسويات للعاملين والمتقاعدين التربويين في السلك التربوي، هذه كلها مطالب حقوقية وقانونية ملزِمة الحكومة على تنفيذها، وهي تستطيع ذلك».

وأضاف الدعجري: «إن استمر تجاهلنا والصمت المخزي من قبل الحكومة فهذا دليل واضح أنهم يستهدفون التعليم في محافظاتنا الجنوبية، لأن بيدهم حلول ولكن يرفضون تنفيذها».

نفد الصبر
ويقول المعلم مجاهد راجح: «لن نستطيع تحمل ما لا يطاق، لقد وصل العيش أقصى درجات السوء، لقد صبرنا وسكتنا على حقوقنا وقلنا عساها تنفرج مادام أن المرتبات توازي الأسعار وتلبي الاحتياجات، ولكن الغلاء تضاعف وارتفعت الأسعار بشكل جنوني وتدهورت العملة وارتفع الدولار، وهنا كان لابد أن نوجه رسالة للجهات المسؤولة في الشرعية والتحالف».

وأضاف «الشرعية تتلاعب بالملايين والمليارات ومن دولة إلى دولة ومن فندق إلى آخر، والتحالف يوزع الملايين وينتهج سياسات التجويع ويريد من الناس أن يذهبوا ليقاتلوا في الجبهات، ونحن نأسف على أبنائنا الطلاب، وصحيح أن هذا واجبا، ولكن هذا الواقع الصعب الذي نعيشه فرض علينا أن نضرب كي نقول للمسؤولين الفاسدين عليكم أن تكفوا عن هذا الفساد الذي يعذب المواطن».

نجاح الرسالة بالتماسك
أما المعلم فهد علي عقيل قفال إن «الإضراب هو رسالة تعبر عن احتجاجنا، وليس كما يقول البعض إن هذا تنصل عن دورنا لأننا لا نريد أن نواصل الصمت تجاه تفشي الفساد من خلال تشجيع المسؤولين على نهب حقوق الموظفين».
وأضاف: «نطالب وزير التربية والتعليم بموقف كبير ومساند لحقوق المعلمين، ونطالب مدير تربية لحج بالنظر إلينا بعين الاهتمام وتقدير مطالبنا».

وتابع: «نريد منهم تصريحات يقولوا لنا فيها شيئا إيجابيا بخصوص مطالبنا والمعالجات الفورية، ولا نريد أن نسمع تصريحات تطالبنا بالعمل وتجاهل الحقوق».
وأختتم «أدعو زملائي المعلمين في كل المحافظات لأن يتكاتفوا ويثبتوا على مطالبهم، فهذا عامل من عوامل النجاح لتحقيق المطالب».​