> ممدوح فرج
ولد صبري موسى في محافظة دمياط بدلتا مصر عام 1932، لأب يمتهن التجارة في مصيف رأس البر، وعن تأثير مكان ولادته عليه يقول “ولدت في قارب وعشت صباي بين النهر والبحر حيث المساحات الواسعة من الماء، حيث التأمل والخيال بعيدًا عن زحام المدينة، وأيضا الصحراء التي شكلت وعيًّا جديدًا لدي، هذا المجهول ساعدني في عملي كصحفي في (صباح الخير)».
فساد الأمكنة
وصف غالب هلسا رواية “فساد الأمكنة” قائلا “هذه رواية فذة، اقتحمت عالما عربيا صعب المسالك”، ليست العبقرية في الرواية التي حكى فيها سيرة ذلك القادم من جبال القوقاز ليقدمه إلينا عبر وليمة جبلية، وإنما العبقرية في جعل هذا القديس القوقازي يتوحد مع سكونية وصوفية الجبل الذي حلّ في جسد الجد الأكبر كوكا لوانكا، ويأخذنا في نهاية الرواية في مشهد أسطوري لبطله الذي يجسد ملامح البطل الإغريقي وهو يقتاد ابنته إيليا التي جعلها على اسم زوجته التي قالت له في لحظة عشق: سأتركك لمصير مُفْجِع امتثالا لقانون المكان.
حادث النصف متر
نفس الشيء نراه في (حادث النصف متر)، فالرواية بتقديمها واقع المدينة الفج، حيث طغت على أفراده الأنانية في مطلع الثمانينات، ضاربا بالقيم والأخلاق عرض الحائط، هي في الحقيقة تدين هذا الواقع وتعريه، في رفض قاطع لهذه السلوكيات حتى ولو لم ينحز الراوي في عرضه لأي طرف. وبناء على هذه الرؤية جاء حضور المرأة في أعماله على اختلافها، لا في صورة المرأة المهمشة أو الضعيفة، بل هو حضور النموذج المتحرر، حيث يصل بها التحرر، كما في شخصية صفية بطلة قصة “السيدة التي والرجل الذي لم”، إلى التفنن في مراوغة زوجها للخروج لممارسة البغاء، وحين يضيق عليها الخناق تخترع قصة ساذجة ثم تلقي في يده دليل خيانتها الدولار، ليلقي الزوج بجملته الصادمة «منك لله يا صفية.. شغلتي بالي وخلتيني افتكر فيك شيء بطال».
صبري موسى. كما قال عنه الناقد الدكتور غالي شكري “إن صبري موسى يبحث في صبر وأناة وجمال عن رؤى تخترق أحشاء الواقع، فتصل إلى نبوءة جمالية عميقة لأخطر الهزائم وأبقاها في كياننا الروحي”.