نحن جميعاً متفقون على ان الاصلاح الاداري أهم من اركان الاصلاح الداخلي، وما من مواطن اليوم ينكر ان الادارة في امس الحاجة إلى اصلاح وتجديد شاملين، والامل كبير في ان الاخ د. معين عبدالملك رئيس الوزراء الجديد سوف يولي القوى البشرية العاملة كل الاهتمام والاختيار السليم لشغل الوظائف في الجهاز الوظيفي للدولة، بما معناه وضع الرجل المناسب في المكان المناسب (بكسر السين) من ذوي المؤهلات العلمية والخبرات العملية، وليس وضع الرجل المناسب (بفتح السين) أي الصهير، من الأقرباء وعدم التقيد بالمحاصصة او المناصفة والمحسوبية، بل يجب وضع أشخاص أكفاء من ذوي المؤهلات وليس من النفايات إذا نحن جادون في إخراج البلاد من المأزق التي تعانيها وهي المناطقية والمحسوبية.. إنه من العبث أن ننادي بالإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي إن لم يكن باستطاعتنا اصلاح الوظيفة العامة للدولة وكذا الادارة العامة للجهاز الوظيفي للدولة، حيث لا امل مطلقاً في حل مشاكلنا العامة اذا لم يكن لدينا الاداة التي بها نعالج ونصلح ونجدد ومثلنا في هذا مثل رسام امامه قطعة من القماش وفي ذهنه صورة للوحة جميلة، ولكن تنقصه الادوات اللازمة للرسم.
هذه هي الحقيقة التي لابد لكل مسئولة ان يتأملها طويلاً كي يخرج من تأمله بعزيمة صادقة لإصلاح أداة التنفيذ وتجديدها تجديداً يتفق مع الاعباء الثقيلة الملقاة على عاتقها. وما تجدر ملاحظته ان الاصلاح الاداري لا يمكن ان يكون محل تردد أو خلاف، فدعائمه معروفة وأسسه مدروسة في جميع البلاد، واذا جاز لنا الاختلاف على وسائل مقاومة الغلاء أو رفع مستوى المعيشة مثلاً أو تحقيق العدالة الاجتماعية فلا يجوز الاختلاف بشأن الاصلاح الاداري، ذلك ان قواعد الادارة الحسنة واحدة في جميع البلاد مهما اختلفت فيها الانظمة السياسية.