> د. سعيد العوادي «الأيام»

​كتب/ د. سعيد العوادي
ترجع بي الذاكرة في الأدب الصيني إلى ثمانينات القرن الماضي حين قرأت رواية (الأرض الطيبة) للروائية الأمريكية الأصل الصينية النشأة بيرل باك.. وقد حققت الرواية شهرة كبيرة كانت من ضمن محفزات لجنة جائزة نوبل لمنح الجائزة للكاتبة... والرواية تدور أحداثها في الصين وتعد في صنف الأدب الواقعي المشدود إلى الأرض على الرغم من اعتساف الحياة.. ثم وقع بين يدي بعد عشرين عاما  من قراءة الأرض الطيبة عمل روائي آخر عن الصين هو (ثلاث بجعات) للكاتبة الصينية يونغ تشانغ صادر عن دار الساقي.. والبجعات الثلاث المشار إليهن في العنوان هن جدة الكاتبة وأمها ثم الكاتبة نفسها والنسوة الثلاث يمثلن ثلاث حقبات في الصين أواخر الإمبراطورية الغاربة ثم العهد الجمهوري الأول وحقبة الصراع مع اليابان.. ثم العهد الماوي وسنوات الثورة الثقافية. 
وعلى الرغم من دفء العنوان ورومانسيته فإن أطوار الرواية (المذكرات) مناقضة للعنوان الدافئ، إذ الرواية تأريخ للشقاء الإنساني مرؤوسا ورئيسا على حد سواء.. والأحداث المتسلسلة على وفق الترتيب الزمني هي لوحة خلفية لتأريخ الصين الحديث إذ يمثل الزمن عنصرا فاعلا في الرواية على نحو ما يتذكره القارئ في الرواية الأيقونة (الحرب والسلم) لتولستوي..
على أن هذا النمط من توثيق المآسي العامة أو الشخصية يرجع بالذاكرة إلى أعمال روائية أثارت جدلا واسعا في الفضاء الثقافي ونال أصحابها شهرة غامرة وصلوا بها إلى جائزة نوبل، ولنتذكر (أرخبيل الغولاغ) للروسي الأسكندر سولجنتسين الذي أرخ لأدب السجون في الحقبة الممتدة من العشرينات إلى  الستينات في الاتحاد السوفيتي.. والعمل مزيج من رسائل السجناء المعبرة عن جرائم السجون ووحشية التعذيب في المعتقلات السرية وهو يمثل نقدا صريحا لاذعا للحكم في زمن الدولة البلشفية لا تصل إلى مداه وحدته وخزات بوريس باسترناك في روايته (الدكتور جيفاغو) التي مثلت نقدا لمثل الدولة الحقيقية الغائبة عن الممارسة الفعلية للحكم في بلاده... ربما استلهم روايته من مقولة كان يرددها هي (إن الذي يرفع الإنسان عن مرتبة الحيوان هو قدرته على قول الحقيقة العارية)...
أو رواية (ويطول اليوم أكثر من قرن) للقرغيزي جنكيز إيتماتوف، وهذه الرواية سيكون لنا فيها حديث آت. بإذن الله.