> أحمد عمر حسين
في البدء، يجب أن تقرأ مقالتي هذه بحيادية.. فأنا لست معادياً لما سُميت بثورات «الربيع العربي»، فمن خرجوا فعلاً كانوا عامة الشعوب المسحوقة شيوخاً أو شباباً، وما أخرجهم إلا الفقر وتوحش الفساد السلطوي.. لكن ما عرفناه عن الثورات؛ أنها أولاً نتاج فكرة ما، وتكون لها قيادات ومواثيق مكتوبة أو برامج مكتوبة وأعضاء منتسبون وفوق ذلك، فالثورة يطلقها -كما قلنا- حامل سياسي مهما كان اسمه.. وفي النهاية الثورة يجب أن تنتصر وتأتي بتغيير جذري أو طفيف، ولكن الأهم، أن الحامل السياسي للثورة يجب أن يكون هو من يتسلم السلطة ويبدأ بالتغيير حسب برنامج الثورة التي انطلقت.. وفوق ذلك، هي عملية تغيير مستمر حتى تبنى الدولة المؤسساتية، التي تستقر فيها الأوضاع السياسية بحيث تتحول بعد ذلك إلى التنافس السلمي بالبرامج في تداول السلطة.
قد يختلف الوضع قليلا في تونس ومصر، حيث رحلت معظم السلطات السابقة، لكن بالنسبة لليمن - وهذا ليس تحقيراً أو تصغيراً لتضحيات الجماهير وإنما كون هذه هي حقيقة ما حصل - فهي انتفاضة قدمت تضحيات لإعادة نفخ الروح في الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة والتي ترهلت وانتهت صلاحيتها (Expire)، وهذا ما يجعلنا نتحسر على ذهاب تلك التضحيات، والوضع المزري اليوم والفشل والفساد الشنيع والمتوحش خير دليل، وهذا لا يعني أننا نقصد أن الوضع العفاشي أفضل، كلا ومليون كلا، فهو سيئٌ، وما حصل فيما بعد والآن هو بذرة بذرها ذلك النظام ورعاها فوصلت هذه الثمرة المقيتة من القيادات نتيجة سياسة عفاش ونهجه الذي سمح بنمو الفساد في القيم وانهيار القانون، حتى أوصلنا كنتيجة منطقية.. فلن يأتي الفاسد إلا بالأفسد.