> تغطية / عبدالقادر باراس
نظمت الشبكة المدنية للإعلام والتنمية وحقوق الإنسان، صباح أمس ورشة
بعنوان: "تفاقم أزمة النزوح إلى عدن - أزمة إنسانية يتطلب معالجتها ومشكلة
اجتماعية واقتصادية وأمنية ينبغي عدم تجاهلها" بفندق كورال بالعاصمة عدن،
حضرها أكاديميون وحقوقيون وإعلاميين وممثلو بعض الهيئات والمنظمات ووزارة
الداخلية.
وفي بداية الورشة ألقى د. محمود شائف رئيس الشبكة المدنية
للإعلام والتنمية وحقوق الإنسان كلمة قال فيها: "إن مشكلة النزوح في عدن
تفاقمت وترتب على هذه المشكلة الضغط على الخدامات العامة وهي في الواقع
مهترئة ومنتهية الصلاحية كالكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات".
وأوضح
مشكلة النازحين والسبل الكفيلة للحد منها والمساهمة في تقديم الحلول
الفورية مشيرا إلى مناشدة الحكومة والمنظمات الدولية الإنسانية لإيجاد حلول
تتناسب والحجم المتزايد للنازحين، مبينا مشكلة النازحين وأبعادها وآثارها
على المجتمع.
وتحدث عن خطورة هذه المشكلة مرجعا السبب إلى غياب الجهود
الرسمية والجهود الدولية للجهات ذات العلاقة وقال: "يجب معالجة هذه
المشكلة لا أن تترك مدينة عدن وأبناءها يواجهون هذه الظاهرة بأنفسهم، فهناك
أعداد هائلة من النازحين يعيشون في أوساط الأحياء السكنية، بالإضافة إلى
تدفقهم عبر السواحل الجنوبية مثل المهرة وشبوة وأبين بشكل يومي إلى عدن،
ويوم أمس (أمس الأول ) نُشر تقرير على موقع "العربية نت" تحدث عن نزوح 150
ألف نازح أفريقي دخلوا البلاد.
وأكد بأن "هناك سماسرة وعصابات تزج
بهؤلاء النازحين حيث تستقبلهم عبر زوارق ثم يتم نقلهم من جزر البحر الأحمر
إلى الداخل وتدفع لهم أموالا ويتعرضون لكثير من المخاطر، و بعد ذلك يتم
استغلالهم لأمور كثيرة منها في الجانب العسكري".
وختم كلمته "نحن نناقش
هذا الموضوع من زاوية إنسانية وهي كيف نستطيع أن ننمي هذا الوعي المجتمعي
ونحمل الجهات الرسمية ذات العلاقة، خاصة المنظمات والجهات المحلية المعنية،
المسؤولية؟ ونعتقد أننا كلنا مسؤولون ومن الضروري أن نتكاتف بكل الجهود
الرسمية والشعبية والجهات الدولية لتحمل هذه المسئولية، وينبغي أن توضع
إستراتيجية واضحة لإيجاد حل لهذه المشكلة، وقد تزايدت بسبب هذه الازمة
مشكلات العنف والسرقة والجريمة والمخدرات والتسول بدرجة مخيفة، واكل
أنواعها، ويبد كأن المجتمع يشهد كارثة، ناهيك عن تفاقم مشكلة الاختطافات
والقتل وأزمة الخدمات نتيجة السياسات الخاطئة المتبعة التي مورست بحق هذه
المدينة وبحق هذا المجتمع خلال الفترات الماضية، وبالتالي نتساءل إلى أين
نحن ذاهبون، ونحن نريد أن نبحث اليوم عن إيجاد حل لهذه المشكلة، وبالتالي
نتمنى منكم أن نناقش هذا الموضوع بمسئولية أخلاقية ونضع الأفكار والآراء
والمقترحات الصائبة التي يمكن من خلالها المساهمة في حل هذه المشكلة".

أدار
الحلقة النقاشية الكاتب والصحفي الأستاذ نجيب محمد يابلي، حيث رحب
بالحاضرين وقال: "نحن أمام نخبة من مقدمي الأوراق أو الحضور ونعتز كثيرا
بهذا الحضور الكمي والكيفي"، وأشار إلى أن "تحمل مسئولية تفاقم أزمة النزوح
إلى عدن مسألة مصير لمستقبل البشر في عموم الوطن وبهذه المدينة (عدن)
دافعة الضريبة رقم واحد".
وقسمت محاور الحلقة النقاشية إلى ثلاث محاور:
المحور الأول البعد الحقوقي والقانوني لظاهرة النزوح والهجرة الأفريقية غير
المشروعة، والمحور الثاني: الآثار الاقتصادية والاجتماعية والخدمية
المترتبة عن تزايد أعداد النازحين وضعف دور الجهات المعنية، والمحور
الثالث: المخاطر البيئية والأمنية والصحية لظاهرة النزوح وسبل معالجتها.
وتضمنت
الحلقة النقاشية ثلاث أوراق بحثية، فيما ألقيت مداخلات أخرى ضمن أعمال
الورشة.. كانت الورقة الأولى للدكتور سيف محسن عبدالقوي يوسف، رئيس قسم علم
الاجتماع بكلية الآداب جامعة عدن، الموسومة بـ(النزوح مشكلة اجتماعية
آثارها وسلبيتها على المجتمع المحلي محافظة عدن)، حيث قال بأن "مشكلة
النزوح تؤرق الضمير الإنساني، بل هي من التحديات التي يواجهها المجتمع
الدولي منذ أزمان"، وتحدث عن المخاطر والتحديات الكبيرة التي تواجه الأمن
الإنساني مبينا أن هذا المشكلة تتطلب معالجات حاسمة مع استمرار انعكاسها
على عمليات النزوح لفترات طويلة ولها آثار واضحة على البناء الاجتماعي".
كما أورد في ورقته أهم الانعكاسات السلبية لأزمة النزوح وتدني مؤشرات التنمية وما ينجم من ضغوط تقع أعباؤها على كاهل المواطن.
وأفرد
المصطلحات لمفاهيم النازح والنزوح والأمن الإنساني. وأعطى أمثلة لعوامل
دوافع النزوح ودوافع الجذب وعن الهجرة من الشمال إلى عدن باسم النزوح
ومخاطرها الأمنية والاجتماعية والإنسانية من توافد النازحين وبشكل مستمر
إلى عدن بشقيه العشوائي والاجتماعي، وتخلي الحكومة الشرعية والأمم المتحدة
دون قيامها بدعم فكرة فتح مخيمات للنازحين أو التعرف عليهم وتقييد بياناتهم
لسهولة إغاثتهم.. كما تناول ظاهرة تدفق النازحين إلى مدينة عدن والأضرار
الناجمة عنها في تناول بعض المهتمين في الدراسات والبحوث.
تلتها
الورقة الثانية للأستاذ عمرو محمد ثابت، من كلية الحقوق جامعة عدن، بعنوان:
(البعد القانوني والحقوقي لظاهرة النزوح الداخلي والهجرة الأفريقية غير
المشروعة)، حيث ناقش في ورقته دراسة مصغرة عن البعد القانوني والحقوقي
لظاهرة النزوح الداخلي والهجرة غير الشرعية من خلال تعريف النازح وتعريف
المهاجر واللاجئ وإيجاد الفرق بينهم، ومن ثم بين أسباب النزوح وتطرق للوضع
القانوني للنازح والمهاجر.
وآخر ورقة بعنوان (قضية النزوح الأفريقي إلى
اليمن تثير كثيرا من المخاوف) كانت للدكتور فضل الربيعي أستاذ علم الاجتماع
وباحث في شئون الهجرة والاغتراب، حيث تحدث في ورقته عن الموجات من الهجرة
غير الشرعية التي تتدفق إلى اليمن حاليا من أفريقيا وتحديدا إثيوبيا بأنها
"تثير جملة من الأسئلة والفرضيات والمخاوف التي تبحث عن إجابات لها، نظرا
لمؤشراتها المتمثلة بتلك الأعداد الكبيرة من الشباب الفتية في ظل الصمت
المطبق من قبل السلطات الرسمية وقوى التحالف والمنظمات المعنية بقضايا
النزوح".
وطالب في ورقته بـ "تكاثف الجهود في جمع المعلومات وتتبع
الأسباب والخلفيات المتصلة بهذه الظاهرة التي يكتنفها الغموض وكيفية
التعامل معها، وعليه فإننا نخشى من استغلال هذه العناصر في ظروف الحرب
باليمن من قبل قوى، ولاسيما الحوثي والقوى الإرهابية، وربما يسمح لهم
بإدخالهم ضمن صفوفهم، تعويضا عن الخسارة البشرية التي تتعرض لها قواتهم".
وختم
ورقته عن المشكلة قائلا: "إن مشكلة الهجرة ملف دولي ولاعبوه كثر
واستقدامهم لليمن لم يكن عبثيا في ظل الظروف الراهنة، لذا وجب التعامل
بمسئولية من جميع الجهات، واحترام آدمية الناس أمر لا نقاش فيه، ووضعهم تحت
القانون كذلك أمر غير قابل للشك".

من جانبه قال وليد باهارون مسؤول
البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة: "سبق وأن قعت اليمن معاهدات دولية ملزمة
بالتعامل مع النازح والهجرة المشروعة وغير المشروعة، ولهذا فاليمن ملزمة
بالمعاهدات المتعلقة بالنازحين مشروع يقدم للنازحين وفقا للمعايير لتغطية
البنود المتعلقة بدعم النازحين، يعني هناك نازح يجب أن نتعامل معه، على رغم
بأن هناك جهات أثارت علامات استفهام عن هؤلاء النازحين من أين اتوا؟ وما
هي الأسباب؟ وكيف نزحوا وتوسعوا؟ ومع ذلك كجهة مسؤولة في البرنامج الإنمائي
نحن ملزمون بتقديم المساعدات وفقا للمعاير".
كما تطرق باهارون إلى
"ظواهر النزوح وتنقلاتهم بحسب رغباتهم لأجل التكسب، ولكن كمنظمة فهي ملتزمة
بالنازح وليس بالمواطن، وبزيادة النازحين وطلباتهم في وقت أن بلدنا دولة
فقيرة جدا حطت نفسها في التزامات دولية، لكن البعد الإنساني استغل أكثر من
اللازم، وكما تشاهدون المهاجرين غير الشرعيين من الأفارقة الاورموا لا
ينطبق عليهم القانون الدولي كالعراقيين والسوريين والصوماليين كون الاروموا
طبقة حاكمة، فالقانون ينطبق على الدول التي فيها الحروب، هناك أولويات
للنازح في الحصول على مساعدات".
وختم
مداخلته "إذا لم تكن هناك رؤية واضحة في التعامل مع النازحين والمهاجرين
الأفارقة من قبل الدولة التعامل وفق القانون الدولي الذي وضح ذلك".
في
الورشة استعرضت رؤية من الهيئة الأكاديمية الجنوبية قدمها د. حسين العاقل،
مجموعة من البيانات والإحصائيات لأعداد النازحين بالأرقام من الأسر
والأفراد: وهي مأخوذة من مصادر الوزارة تم استخلاص منها للمحافظات الجنوبية
وفقا لتعداد 2004م.
وأشار د. العاقل إلى أن احصائيات سكان عدن عن عدد
النازحين من المحافظات الشمالية إلى مديريات محافظة عدن عام 2018م بلغت
(9633)، فيما بلغ عدد الأفراد من النازحين (59000) فرد، ولا أستبعد بأن
سكان عدن أكثر من 2 مليون نسمة، بينما هو مذكور في كشوفات الوزارة بأن
عددهم (937,000) وهذا الرقم غير صحيح".
كلمة وزارة الداخلية ألقاها
العميد عبدالفتاح أحمد عبدالله العبد، تحدث فيها عن تفاقم النزوح إلى عدن
وأثره وواجبات وزارة الداخلية باعتبارها الكفيل على حمايتهم ومساعدتهم في
تحسين وتطوير التعاون مع منظمات المجتمع المدني.
أما المهندس علوي علي
محمد، مدير عام تقنية المعلومات بمصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني فقد
قال: "موضوع النزوح إلى عدن العاصمة المؤقتة يتطلب الجدية من الجهات
الحكومية ذات العلاقة ومن المنظمات الدولية ومنظمات غير الحكومية، وتنفيذا
لتوجيهات نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية م. أحمد الميسري، حول هذا
الموضوع الهام، فقد عقدت قيادات المصلحة وكذا مع الإدارة العامة لتقنية
المعلومات ومهندسيها عدة اجتماعات لمناقشة قضية النازحين داخليا من
المحافظات الملتهبة إلى المحافظات المحررة كان ذلك في العام الماضي".
وأضاف:
"تركز اهتمامنا حول الهوية للنازحين فهناك نازحون لا يملكون البطاقة
الشخصية، وهذا قد يؤدي إلى حرمان النازح من أبسط حقوقه من المساعدات
والإغاثات التي تقدمها المنظمات، فكان الحل هو منح النازح بطاقة مؤقتة لمدة
عام، هذه البطاقة لا تحل محل البطاقة الشخصية وإنما بطاقة تمكن النازح
للتعريف عن النازح، وبمساهمة وتعاون منظمات الانترسوس ومجلس اللاجئين
النرويجي (NRC) ومجلس اللاجئين الدنمركي (DRC) عملنا في إدارة تقنية
المعلومات على تطوير نظام إلكتروني لإصدار البطاقة الإلكترونية بينما
المنظمات وفرت الأجهزة الحاسوبية والطابعة والكروت، وبهذا تمت معالجة تلك
الإشكالية، تم ذلك وفقا لقانون الأحوال المدنية والسجل المدني، وعند عودة
النازحين إلى مناطقهم التي نزحوا منها سيتمكنون من الحصول على البطاقة
الشخصية وفقا للقانون، وعدم تجاهل قيد النازحين وحصرهم له آثار اقتصادية،
كما أن له آثار أمنية. ولهذا لدينا مشروع شامل وهادف حول النزوح الداخلي
كمنظومة متكاملة عبارة عن مشروع مركز بيانات النزوح الداخلي في اليمن، وهذا
المشروع يمثل مركز بيانات النازحين وإحصاء عدد النازحين من كل مديرية
ومحافظة من واقع قاعدة بيانات صحيحة ودقيقة".
وبدوره ألقى العقيد
عبدالدائم مدير مكتب مدير أمن عدن كلمة قال فيها "نحن كمؤسسة أمنية ملزمون
بتطبيق القوانين من ضمنها ما يتعلق بالأحوال المدنية، وذلك لتأمين هؤلاء
الناس في أماكنهم وحصرهم على مستوى المدن والمديريات والحارات".
ودعا إلى خلق ظروف لإعادة النازحين:
"نحن نفكر كيف نعيدهم إلى المصدر، لكن الأمور متعلقة بجهات رسمية كثيرة،
فكيف يأتون إلينا ونحن في حالة حرب وقد لا يكون لنزوحهم إلينا مبرر، فقد
تكون هناك نوايا وهواجس بوجود منظمات وأحزاب تهيأ لهم الأجواء ويتلقون منها
الدعم".
وختم كلمته "أنتم تدركون حجم المخاطر، ولكن علينا أن نتشارك جميعا ونحن مستعدون بتقبل ملاحظاتكم واستفساراتكم ومكاتبنا مفتوحة ولنبعد المناكفات، فالنازحون هم، وهم كبير جدا وكيفية معالجة ذلك يتطلب بضرورة بذل جهود أكبر ودعم، ولابد من إيجاد حل، وأهم شيء عوتهم إلى المصدر".