> نوفل الشرقاوي صحافي
أعلنت وزارة الثقافة والاتصال المغربية «تسجيل موقع سجلماسة ضمن لائحة التراث الوطني». ما يعني اتخاذ إجراءات حمائية وتفعيل إجراءات عملية تهدف إلى تدعيمه وحمايته واستثماره في التنمية الاقتصادية المحلية. وتضيف الوزارة أنها «وضعت كأولوية لها، حماية الموقع من الخروقات التي مسته، بصياغة تصميم خاص بالموقع يسهل عملية تسييره وتدبيره». كما ستعمل على إنشاء محافظة خاصة بالموقع من أجل مراقبة وتتبع مختلف الأشغال المتعلقة بتسييجه وتحسين مسالك الزيارة داخله.
█ التسمية
تكاد تخلو كتب التاريخ من أصل تسمية المدينة بسجلماسة. ويقول د.محمد بركات البيلي في كتابه عنها «لا نعرف على وجه اليقين سبب تسميتها بذلك الاسم لأن جغرافيي ومؤرخي المسلمين لم يعنوا بتفسير ذلك الاسم، فيما عدا الحسن بن محمد الوزان (ليون الأفريقي)، الذي ألقى على اسم سجلماسة بعض الضوء، فذكر أن قائداً رومانياً بنى مدينة أسماها سجلوم ماس لتكون شاهدة على انتصاره على دولة ماسة. فحُرف هذا الاسم بعد ذلك وتحول إلى سجلماسة التي تعني دلو ماسة المملوءة بالماء». لكن حسن حافظي علوي يستبعد هذه الفرضية في كتابه «سجلماسة وإقليمها في القرن العاشر الميلادي»، قائلاً «تحاول كل الآراء العودة بتأسيس سجلماسة إلى العهد الروماني، لكنها لا تستند إلى أدلة علمية مقنعة، خصوصاً أن حملة القائد الروماني ستينيوس بلينوس لم تتجاوز مدتها عشرة أيام وهي مدة لا تسمح له بتأسيس مدينة». ويشير البيلي إلى أنه «إذا كان تفسير اسم سجلماسة من الصعوبة بمكان، فإن تحديد موقعها تحديداً دقيقاً لا يقل عن ذلك صعوبة. فتعيينات الباحثين تكاد تنحصر في أنها كانت تقع في المنطقة المعروفة الآن بتافيلالت (في الوسط الشرقي للمغرب)».

█ فترة الازدهار الاجتماعي والاقتصادي
بفضل مكانتها المحورية في تجارة القوافل بلغت المدينة ازدهاراً اجتماعياً واقتصادياً كبيراً. وخلص الباحثان خديجة بيهي وعبد الغني آيات الفاكر في دراسة لهما حول تاريخ المدينة إلى أنه «إذا كانت سجلماسة ظلت مستقلة زهاء ثلاثة قرون، ومجالها الطبيعي يمتد إلى الأراضي الواقعة بين وادي درعة وبين جبال الأطلس، فإنها شهدت أوج قوتها وازدهارها الاقتصادي بين القرنين الثامن والحادي عشر هجري. ونجد أن المدينة تميزت بجاذبيتها واستقرار أعداد من التجار المشارقة فيها، فضلاً عن توافد العناصر السودانية، الذين كانوا يشتغلون مع التجار».
█ انهيار المدينة
بعد الازدهار الكبير عرفت المدينة تقهقراً اقتصادياً. عن أسباب ذلك الركود، يقول البيلي «ربما لا تفيدنا المصادر بطريقة مباشرة في فهم سبب الخراب الذي حل بسجلماسة، لكن من الممكن فهم ذلك في ضوء أحوال المغرب الإسلامي عموماً في تلك الفترة. فقد كان طرد المسلمين من الأندلس جزءاً من مخطط كبير لمهاجمة العالم الإسلامي. ولما كان ازدهار سجلماسة أساسه تجارة الذهب والموانئ، التي تعرضت لضربات الأوروبيين، وهي المنافذ الطبيعية لتلك التجارة على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، كان من الطبيعي أن تتعطل تجارة سجلماسة. فلم تعد لتجارها حماستهم المعهودة في عبور الصحراء إلى بلاد السودان... وربما كان انهيار هذا الطريق هو الذي جعل التجار ينصرفون، ويفضلون عليها مدناً مثل تنبوكتو وكاغو».