> «الأيام» غرفة الأخبار

 تتصاعد حرب تصريحات في الولايات المتحدة وإيران والسعودية تجمع على تجنب نشوب حرب في المنطقة، إلا أنه في الوقت نفسه تستعد هذه الدول للحرب.
وتناقض المؤشرات على الأرض التصريحات بشأن تجنب الحرب، ففي واشنطن نصح مسؤولو شركات الطيران في الولايات المتحدة بتوخي الحذر أثناء تحليق الطائرات فوق مياه الخليج وخليج عمان.

وذكر الأسطول الأمريكي الخامس أن دول مجلس التعاون الخليجي بدأت "دوريات أمنية مكثفة" في المياه الدولية بالخليج العربي.
وأجلت شركة إكسون موبيل موظفيها الأجانب من حقل للنفط في العراق بعد سجال متبادل بين واشنطن وطهران على مدى الأيام الماضية. وحذرت البحرين مواطنيها، السبت الماضي، من السفر إلى العراق وإيران بسبب "الأوضاع غير المستقرة".

يتزامن ذلك مع دعوة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز زعماء دول الخليج والدول العربية إلى عقد قمتين طارئتين في مكة في نهاية شهر مايو لبحث تداعيات الهجمات.
وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان لها أن "الظروف الدقيقة الحالية تتطلب موقفا خليجيا وعربيا موحدا في ظل التحديات والأخطار المحيطة".

وقالت وزارة الإعلام السعودية إن اتصالا هاتفيا جرى بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، "بحثا خلاله تطورات الأحداث في المنطقة والجهود الرامية لتعزيز أمنها واستقرارها".
وقالت السعودية إنها لا تريد نشوب حرب في المنطقة وتعمل بكل ما لديها لمنعها، لكنها مستعدة للردّ بكل قوة، وذلك بعد هجمات نفذت الأسبوع الماضي على أصول نفطية سعودية من قِبل طائرة مسيرة أرسلها المتمردون الحوثيون.

وقال تقرير لشركات تأمين نرويجية إنه "من المرجح بشكل كبير" أن الحرس الثوري الإيراني سهل الهجوم على السفن قرب إمارة الفجيرة بدولة الإمارات.
ولم تحمل الإمارات مسؤولية عمليات تخريب الناقلات لأي طرف في انتظار ما يتوصل إليه التحقيق. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن تلك العمليات لكن مصدرين حكوميين أمريكيين قالا الأسبوع الماضي إن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن إيران شجعت مجموعات تابعة لها على تنفيذها.

ويعتقد مسؤولون غربيون أنهم يعرفون من وراء هذا الحادث، إذ قال أحدهم لصحيفة صنداي تلغراف "الإيرانيون محظوظون لأن الأمور لم تتم بشكل أفضل، فلو غرقت السفينة السعودية، لكنا اليوم نشهد حربا".
وأعلن الحوثيون المدعومون من إيران مسؤوليتهم عن الهجوم بطائرات مسيرة على محطتين لضخ النفط في السعودية. وقالت الرياض إنه لم يسفر عن تعطيل الإنتاج أو الصادرات.

ويبحث الحرس الثوري الإيراني عن طريقة لضرب المصالح الأمريكية والدول العربية الحليفة لها دون إثارة شبهة. كما تستغل إيران الميليشيا الشيعية في العراق، التي يمكنها أن تقترب من القوات والمنشآت الأمريكية هناك، بما فيها المصالح الدبلوماسية.

وكشفت معلومات استخباراتية صور أقمار اصطناعية أخذت في الأسابيع الأخيرة وعرضت على المسؤولين الأمريكيين في الثالث من مايو، تظهر عناصر من الحرس الثوري الإيراني يشحنون صواريخ على قوارب في الخليج، من أجل استهداف سفن أمريكية أو حليفة في مضيق هرمز.

وقال فيليب سميث، المحلل في مؤسسة واشنطن، إن "إيران جندت في الأسابيع الأخيرة جماعتين هما عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله لشن هجمات في بغداد".
وأشار إلى أن "الإيرانيين يريدون أن يبعثوا رسالة قوية جدا للأمريكيين من أجل إثبات أنفسهم. والمسألة الثانية هي أنهم من خلال الأحداث القوية يريدون اختبار الأمريكيين لمعرفة ما هو الخط الأحمر عندهم".

ونفى وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، احتمال اندلاع حرب في المنطقة قائلا إن طهران لا تريد الصراع، وأنه لا يمكن لأي دولة "أن تتوهم أن بوسعها مواجهة إيران"، وهو موقف تكرر على لسان قائد الحرس الثوري الإيراني، الجنرال حسين سلامي.

ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء عن سلامي قوله: "لا نسعى للحرب لكننا لا نخشاها أيضا".
ولا يتفق غالبية المحللين مع التصريحات الصادرة من واشنطن وطهران والرياض التي تستبعد نشوب الحرب في المنطقة، فالأجواء تشبه إلى حد كبير أجواء حرب عام 1991 و2003 عندما شنت الولايات المتحدة حربا على العراق.

واعتبر الكاتب السياسي، رفائيل سانتشيز، أن إيران تخوض حربا باردة عبر وكلائها في الخليج، وتختبر عزيمة الولايات المتحدة.

وأضاف سانتشيز في تقرير له بصحيفة صنداي تلغراف أن "المحققين لا يزالون لا يعرفون ما الذي أحدث ثقبا في جسم السفينة السويدية فكتوريا وهي قبالة سواحل الإمارات. وترى بعض الفرضيات أن غواصين سبحوا من سواحل عمان وثبتوا متفجرات في جسم السفينة، بينما تقول فرضية أخرى إن طائرات بلا طيار ضربت السفينة تحت الماء".

ويصف الكاتب تخريب ناقلات النفط أمام سواحل الإمارات بأنه حادث خطير يبعث على القلق، ولكنه ليس بالحجم الذي يفجّر حربا. ولكنه مؤشر على حرب باردة بين الولايات المتحدة وإيران.
ويشير الكاتب السياسي سيمون تيسدل إلى مخاطر اندلاع مواجهة مسلحة مباشرة بين إيران والولايات المتحدة.

ويقول تيسدل في تقرير له بصحيفة الأوبزرفر البريطانية عندما يتحدث صقور الإدارة الأمريكية عن "تهديد وشيك"، فإنهم يذكروننا بالحرب على العراق عام 2003. وفي المقابل يعلو صوت المتشددين في إيران.

ويضيف أن الولايات المتحدة تبقى في كل الحالات أكبر قوة عسكرية في العالم، ويستمر الحديث عن أفضل استعمال لهذه القوة. ففي الماضي كان الهدف روسيا السوفييتية، وتنظيم القاعدة في أفغانستان وصدام حسين في العراق، أما اليوم فالهدف الذي وضعه البيت الأبيض نصب عينيه هو إيران.