قوله تعالى : ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فأما من
أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا ) .
يقول تعالى ذكره : يأيها الإنسان إنك عامل إلى ربك عملا فملاقيه به خيرا كان عملك ذلك أو شرا ، يقول : فليكن عملك مما ينجيك من سخطه ، ويوجب لك رضاه ، ولا يكن مما يسخطه عليك فتهلك .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ) يقول : تعمل عملا تلقى الله به خيرا كان أو شرا .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ) إن كدحك يا ابن آدم لضعيف ، فمن [ ص: 313 ] استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل ، ولا قوة إلا بالله .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : وسمعته يقول في ذلك : (
إنك كادح إلى ربك كدحا ) قال : عامل إلى ربك عملا . قال : كدحا : العمل .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وجاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، قال :
ثنا مسلم ، عن الحريش بن الخريت أخي الزبير ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة
، قالت : من نوقش الحساب ، أو من حوسب عذب ، قال : ثم قالت : إنما الحساب
اليسير : عرض على الله وهو يراهم.
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن عثمان بن
الأسود ، قال : ثني ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، قالت : يا رسول الله ( فسوف
يحاسب حسابا يسيرا ) قال : " ذلك العرض يا عائشة ، من نوقش الحساب هلك " .
حدثنا عمرو بن علي ،
قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن أبي يونس القشيري ، عن ابن أبي مليكة ، عن
القاسم بن محمد ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك " قالت : فقلت : يا رسول الله [ ص: 315 ]
( فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) فقال : " ذلك العرض
، ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك " .
وقوله : ( وينقلب إلى أهله مسرورا ) يقول : وينصرف هذا المحاسب حسابا يسيرا إلى أهله في الجنة مسرورا .
يقول تعالى ذكره : يأيها الإنسان إنك عامل إلى ربك عملا فملاقيه به خيرا كان عملك ذلك أو شرا ، يقول : فليكن عملك مما ينجيك من سخطه ، ويوجب لك رضاه ، ولا يكن مما يسخطه عليك فتهلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ) يقول : تعمل عملا تلقى الله به خيرا كان أو شرا .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ) إن كدحك يا ابن آدم لضعيف ، فمن [ ص: 313 ] استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل ، ولا قوة إلا بالله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( إنك كادح إلى ربك كدحا ) قال : عامل له عملا .
وقوله
: ( فأما من أوتي كتابه بيمينه ) يقول تعالى ذكره : فأما من أعطي كتاب
أعماله بيمينه ( فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) بأن ينظر في أعماله ، فيغفر له
سيئها ، ويجازى على حسنها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا جرير ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الواحد بن حمزة ،
عن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : سمعت النبي صلى الله
عليه وسلم يقول : " اللهم حاسبني حسابا يسيرا " قلت : يا رسول الله ما
الحساب اليسير ؟ قال : " أن ينظر في سيئاته فيتجاوز عنه ، إنه من نوقش
الحساب يومئذ هلك " .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن محمد بن
إسحاق ، قال : ثني عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير ، عن عباد بن
عبد الله بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول في بعض صلاته : " اللهم حاسبني حسابا يسيرا " ، فلما انصرف قلت : يا
رسول الله ما الحساب اليسير ؟ قال : " ينظر في كتابه ، ويتجاوز عنه ، إنه
من نوقش الحساب يومئذ يا عائشة هلك " .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد
الوهاب ، قال : ثنا أيوب ، وحدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال :
أخبرنا أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة أن رسول الله [ ص: 314 ] صلى
الله عليه وسلم ، قال : " من حوسب يوم القيامة عذب " فقلت : أليس الله يقول
: ( فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) قال : " ليس ذلك الحساب إنما ذلك العرض ،
ولكن من نوقش الحساب يوم القيامة عذب " .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا
روح بن عبادة ، قال : ثنا أبو عامر الخزاز ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة
قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه ليس أحد يحاسب يوم
القيامة إلا معذبا " فقلت : أليس يقول الله : ( فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) ؟
قال : " ذلك العرض ، إنه من نوقش الحساب عذب " وقال بيده على أصبعه كأنه
ينكته .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله
: ( فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) قال : الحساب اليسير : الذي يغفر ذنوبه ،
ويتقبل حسناته ، ويسير الحساب الذي يعفى عنه ، وقرأ : ( ويخافون سوء الحساب
) ، وقرأ : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في
أصحاب الجنة ) .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا عثمان بن عمرو وأبو داود ، قالا ثنا أبو عامر الخزاز
، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: " من حوسب عذب " ، قالت : فقلت : أليس الله يقول : ( فسوف يحاسب حسابا
يسيرا ) قال : " ذلك العرض يا عائشة ، ومن نوقش الحساب عذب " .
إن قال
قائل : وكيف قيل : ( فسوف يحاسب ) ، والمحاسبة لا تكون إلا من اثنين ،
والله القائم بأعمالهم ولا أحد له قبل ربه طلبة فيحاسبه ؟ قيل : إن ذلك
تقرير من الله للعبد بذنوبه ، وإقرار من العبد بها ، وبما أحصاه كتاب عمله ،
فذلك المحاسبة على ما وصفنا ، ولذلك قيل : يحاسب .
وقوله : ( وينقلب إلى أهله مسرورا ) يقول : وينصرف هذا المحاسب حسابا يسيرا إلى أهله في الجنة مسرورا .