الصيام يجمع روح التآلف بين أفراد المجتمع المسلم ، فتجدهم يصلون جماعة ،
ويسن تفطير بعضهم لبعض ، ويطعم أغنياؤهم فقراءهم ، وهذا له أكبر الأثر على
تعاونهم وإزالة البغضاء بينهم وتوادهم وتحابهم وتعاطفهم ، وإذا كانت بعض
المبادئ العصرية اليوم تربي على الوحدة فالإسلام يربي أفراده على التراحم
والتعاطف زيادة على ذلك ، وهذا لا يدرك بقانون مادي بل بدين سماوي .
رمضان
يربي في نفس المسلم الانتصار بمعناه العظيم ، فيتعلم المسلم الانتصار على
شهوة الأكل ، والبطن والفرج ووسائلها من نظر وتفكير ، وهذا أول خطوة في
طريق الانتصار والمجاهدة .
بالصيام يتعلم المسلم كيف يقهر نفسه وهواه ،
لأن طاعة النفس والهوى أساس المعاصي و الذنوب ، فما عصي الله إلا بطاعة
الهوى ، فجاء رمضان ليدرب المسلم على ترك ما تهواه نفسه وتنازعه عليه ،
وعلى أن يقهر نفسه ، فيذوق حلاوة ذلك ، فننفس الصائم تشتهي الطعام بمقتضى
الفطرة ، ويزين له الشيطان شهوته وقد يضع له الحيل لذلك فيأتيه إيمانه
فيقهر شهوته ومنازعته ، ويحول بينه وبين حرمات الله فعند ذلك يقود زمام
نفسه حيث يريد الله ولا تقوده نفسه حيث يريد الشيطان .
في
رمضان إثبات لحكمة المولى سبحانه وتعالى الذي يخلق ما يشاء ويختار فقد خلق
شهور السنة ، واختار واصطفى رمضان ، فالحمد لله على علمه و حكمته ، والحمد
لله الذي فضل نبينا على الأنبياء ، وكتابنا على سائر الكتب ، وديننا على
جميع الأديان ، وبناء عليه فأمتنا أفضل الأمم .
رمضان يربي في النفس
التعلق بمولاها والرجوع إليه والالتجاء إليه وحده فيدعو المسلم ربه ، وربه
يغفر له ويستجيب ، فمن يغفر الذنوب إلا الله ؟ فمن عرف ذلك وأدركه زاد
تعلقه بربه .
رمضان يربي في نفس المسلم إحسان الظن بربه ، فمن تأمل
أحاديث فضائل رمضان أحس بقرب المغفرة ، ودنو الرحمة وسهولة إدراكها ، وحسن
الظن من مسائل العقيدة فقد قال صلى الله عليه وسلم " لا يموتن أحدكم إلا
وهو يحسن الظن بربه "
يربي الصيام في الإنسان أعمال السر والحرص عليها ، فالصيام عبادة في حقيقتها سرية ، فيتعود المسلم على أعمال السر والمحافظة عليها ولا يستغني المسلم عن الأعمال السرية التي لا يطلع عليها إلا الله سبحانه وتعالى ، فإنها تزيد الإخلاص وبرهان حقيقة الإيمان وكان السلف يقولون "ليكن بينك وبين الله خبيئة".