> محمد حسين الدباء
تذكر كتب الأدب أن قصيدة الحيزبون والدردبيس لها قصة طريفة وقعت لصفي الدين الحلي، حيث عاب بعض النقاد عليه اختياره للألفاظ السهلة، والمتيسر من المفردات، وعدم التقعر والتبحر في اللغة، وابتعاده عن الكلمات الصعبة والغريبة، فقالوا في نقدِ ديوانهِ: “إنهُ لا عيبَ فيهِ إلا أنهُ خالٍ منَ الألفاظِ الغريبةِ”، فنظم هذه القصيدة كنوع من التحدي للدفاع عن نفسهِ بهذه الطريقة الطريفة والظريفة.
وقد ورد في كتب التراث العديد من القصائد المماثلة لهذه القصيدة مثل “لمن طلل” لامرئ القيس، و“صوت صفير البلبل”، كما جاء في كتاب فوات الوفيات لمؤلفه محمد بن شاكر الكتبي قصيدة طويلة لضياء الدين القوصي تضم عدداً كبيراً من غريب الكلام.
والطَّخَا والنقاخُ والعَطلَبيسُ
والسّبَنتَي والحَقصُ والهِيقُ
والهجرسُ والطرقسانُ والعسطوسُ
لغةٌ تنفرُ المسامعُ منها
حينَ تُروى وتَشمَئزّ النّفوسُ
وقبيحٌ أن يذكرَ النافرُ الوحـ
ـشي منها ويتركَ المأنوسُ
أينَ قَولي هذا كثيبٌ قَديمٌ
ومَقالي عَقَنقَلٌ قَدمُوسُ
لم نجدْ شادياً يغني قفا نبـ
ـكِ على العُودِ، إذ تُدارُ الكؤوسُ
لا ولا مَن شَدا أقيمُوا بَني أُ
متي، إذا ما أُديرَتِ الخَندَريسُ
أتُراني إن قُلتُ للحِبّ يا عِلْـ
ـقٌ درَى أنهُ العزيزُ النفيسُ
أو إذا قلتُ للقِيامِ جُلوسٌ
علمَ الناسُ ما يكونُ الجلوسُ
خَلّ للأصمَعيّ جَوبَ الفَيافي
في نَشافٍ تَخِفّ فيهِ الرّؤوسُ
وسؤالَ الأعرابِ عن ضيعةِ اللفـ
ـظِ إذا أُشكِلَتْ علَيهِ الأُسُوسُ
دَرَسَتْ تِلكُمُ اللّغاتُ وأمسَى
مَذهَبُ النّاسِ ما يَقولُ الرّئيسُ
إنّما هذِهِ القُلوبُ حَديدٌ
ولَذيذُ الألفاظِ مِغناطيسُ
.
الحيزبون: العجوز من النساء. الدردبيس: الداهية والشيخ والعجوز. الطخا: الغشاء يغطَّي غيره. النفاخ: الورم من داء. العلطبيس: الأملس البرَّاق. السبنتي: النمر. الحقص: شبل الأسد. الهيق: ذكر النعام.
قدموس: القديم والملك الضخم. الفطاريس: جمع الفطرس وهو السمك الضخم. الشقحطب: الكبش لهُ قرنان أو أربعة كلٌّ منها كشقِّ حطب.
العيطموس: المرأةُ الجميلَةُ أو الحَسَنَةُ. العنفقس: الضخم.
العسطوس: هو شجر يُشبه الخيزُران. كثيب: التلُّ من الرمل سُمّي بهِ لأنهُ انكثب أي انصبَّ في مكانٍ فاجتمع فيهِ. العيس: الناقَةَ يَعِيسُها ضَرَبَها وبالكسر. قفا نبك: يقصد معلقة أمرؤ القيس.