> بروكسل «الأيام» مجموعة الازمات الدولية
قالت مجموعة الأزمات الدولية إن تحالف دعم الشرعية في اليمن الذي تقوده المملكة العربية السعودية "بدأ بالتشظي، ووصل إلى نقطة الانهيار"، بعد القتال الشرس الذي اندلع بين "القوات الانفصالية الجنوبية" المدعومة من الإمارات، وأخرى تابعة للحكومة المعترف بها دوليا والتي تدعمها السعودية، والتي انتهت "بانتزاع القوات الانفصالية الجنوبية العاصمة المؤقتة عدن من أيدي الحكومة الشرعية".
وأكدت المجموعة في تقرير لها أنه في حال "سُمح للخلافات القائمة داخل التحالف بالتفاقم في الجنوب، فإنها قد تنقل البلاد إلى حرب أهلية داخل حرب أهلية". ومن شبه المؤكد أن ذلك التطور سيطيل أمد الصراع الأوسع، ويعمق حالة الطوارئ الإنسانية في اليمن ويزيد من صعوبة التوصل إلى تسوية سياسية".
ما الجديد؟
لقد وصل التحالف المعادي للحوثيين في اليمن إلى نقطة الانهيار مع انتزاع القوات الانفصالية الجنوبية السيطرة على العاصمة المؤقتة، عدن، من الحكومة المعترف بها دولياً. الحكومة تصف هذا التحرك بالانقلاب وتتهم الإمارات العربية المتحدة بالتواطؤ. والسعودية تحاول التوسط للتوصل إلى هدنة.
ما أهمية ذلك؟ إذا سُمح للخلافات القائمة داخل التحالف بالتفاقم في الجنوب، فإنها قد تنقل البلاد إلى حرب أهلية داخل حرب أهلية. من شبه المؤكد أن ذلك التطور سيطيل أمد الصراع الأوسع، ويعمق حالة الطوارئ الإنسانية في اليمن ويزيد من صعوبة التوصل إلى تسوية سياسية.
لمحة عامة
لقد أدت انتفاضات السنوات الثمان الماضية والحرب إلى إعادة رسم الخريطة السياسية لليمن بشكل كامل تقريباً. في البداية، المحاولات التي قادتها الأمم المتحدة أولاً لمنع ومن ثم وضع نهاية للحرب الأهلية الدموية فشلت. وكان سبب فشلها في كثير من الأحيان أنها كانت تأتي دائماً متأخرة عن الوقائع المتغيرة بسرعة على الأرض. نشأ أحدث الصراعات السياسية في آب/أغسطس 2019، عندما فرض المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يعتبر نفسه حكومة مستقبلية بقيادة عيدروس الزبيدي، سيطرته على مدينة عدن الساحلية، العاصمة المؤقتة للبلاد، مستحوذاً عليها من الحكومة المعترف بها دولياً والتي يقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي. تأمل الحكومة الآن باستعادة عدن؛ ويستعد كلا الطرفان للقتال. هذا التطور في الأحداث يظهر التوترات القديمة لكن التي كانت مخفية جزئياً داخل التحالف المعادي للحوثيين إلى السطح؛ كما أن من شأنه أن يطيل أمد الحرب. ينبغي على داعمي كلا الطرفين في الجنوب، وبمساعدة من الأمم المتحدة، أن يتوسطوا لوضع حد للقتال، والتفاوض على ترتيبات أكثر شمولية لتقاسم السلطة. بالمقابل، من شأن تلك الصفقة أن تضع الأساس لعملية سلام تشمل جميع اليمنيين وخصوصاً الأطراف المعنية الرئيسية.
ثمة نقاش كبير حول كيفية حدوث سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن، خصوصاً حول ما إذا كان متعمداً أو عفوياً. ما يمكن قوله بشكل مؤكد هو أن تتابع الأحداث بدأ بمقتل مسؤول أمني جنوبي رفيع متحالف مع المجلس الانتقالي الجنوبي هو منير "أبو اليمامة" المشالي (المعروف أيضاً باليافعي). قتل المشالي في ضربة صاروخية أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنها في 1 آب/أغسطس. بعد تسعة أيام، أحكمت القوات التي دربتها وسلحتها الإمارات العربية المتحدة سيطرتها الكاملة على القواعد العسكرية والمؤسسات الحكومية في عدن. وفي هذه الأثناء، تبادلت إطلاق النار والاتهامات مع الوحدات الممولة سعودياً، وهي حليفتها ظاهرياً وتسيطر عليها حكومة هادي. يقول المسؤولون الحكوميون إنهم يحملون المسؤولية عن أفعال المجلس الانتقالي الجنوبي للإمارات العربية المتحدة، التي تعاونت بشكل وثيق مع الانفصاليين منذ العام 2015. إلا أن الحكومة باتت الآن بمزاج أكثر ثقة بعد أن سيطرت قواتها على القواعد العسكرية التي تحتفظ بها القوات المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة شبوة الغنية بالنفط في أواخر آب/أغسطس وتتخذ مواقعها للقتال من جديد للسيطرة على المدينة.
لكن ثمة مسار أفضل؛ حيث يمثل الاستيلاء على عدن فرصة للجهات الدولية المعنية باليمن لإعادة إحياء وموازنة عملية السلام التي ابتعدت على نحو متزايد عن الوقائع على الأرض. ولطالما ظلت هذه العملية مقيدة بقرار مجلس الأمن رقم 2216 (الصادر في العام 2015) الذي دعا فعلياً – وبشكل غير واقعي – إلى استسلام الحوثيين لحكومة هادي. لقد فسرت معظم الأطراف القرار على أنه يقيد من تفويض الأمم المتحدة بإجراء مفاوضات بين الحكومة والحوثيين، ويستبعد أطرافاً محورية أخرى، وخصوصاً الانفصاليين الجنوبيين. مثالياً، يمكن للأحداث في الجنوب أن تدفع مجلس الأمن إلى إصدار قرار يدعو إلى وقف إطلاق نار فوري وإلى تجدد المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة بحيث تشمل الانفصاليين الجنوبيين لإنهاء الحرب وتأسيس فترة انتقالية. إلا أن هذه الحصيلة تبقى احتمالاً بعيد التحقق، بالنظر إلى معارضة السعودية لأي قرار جديد وكذلك احتمال استعمال الولايات المتحدة الأميركية للفيتو ضد مثل ذلك القرار.