> تقرير/ خالد بلحاج:

الحجّامة أم محمد: عالجت نساء كُثر من أمراض الانزلاق والصرع والشقيقة
لا تقتصر ممارسة الحجامة في مدينة القطن بمحافظة حضرموت على الرجال وحسب؛ بل شغلت المرأة أيضاً مؤخراً حيزاً من مساحة العمل به.
فالحجّامة أم محمد، تتولى مهمة علاج النساء من أمراض الانزلاق وداء الشقيقة والصرع وغيرها منذ فترة طويلة وحتى الآن، وهي - بحسبها - تعد المرأة الوحيدة التي تمارس هذا المهنة في تلك المنطقة.

تسكن أم محمد، والتي تبلغ من العمر 40 عاماً، في منطقة الكوادر، في بيت متواضع، لكن بيتها هذا أصبح بمثابة عيادة طبية تقصده نساء كُثر من مختلف المناطق والقرى بغرض العلاج.
ومثَّلت الحجامة جزءاً أساسيًّا من الممارسات الطبية التقليدية في العديد من المجتمعات، إلا أنه بعد أن استشرى الطب الغربي في بلاد العالم أجمع، تراجع استخدامه، فظل كمجرد ممارسة تقليدية، وظل الأمر كذلك حتى سنوات قليلة ماضية، وخاصة بعدما فشل الطب الحديث في علاج العديد من الأمراض، وبعد أن تم اكتشاف العديد من التأثيرات الجانبية للعديد من الأدوية الكيميائية، بدأت في الانتشار العديد من ممارسات الطب التقليدي أو ما يسمى بالطب البديل.

فوائد كثيرة
تقول أم محمد إنها تعلمت الحجامة من زوجها الذي تعلمها هو الآخر منذ كان في السعودية، "وعند عودته إلى حضرموت علمني أسرار وتفاصيل هذه المهنة".
وجنّبت أم محمد الكثير من النساء اللاتي كاد أن تجرى لهن عمليات جراحية "غير أنهن تعافين بمجرد أن قمت بحجامتهن"، وقالت: "إن امرأة جاءت من إحدى القرى وكانت عمليتها بعد يومين، وهي عملية انزلاق الفقرات، فحجمت فقراتها كلها والحمد لله وصلني الخبر بأنها لم تعمل العملية وتشافت تماما".

وأوضحت أنه في الوقت الذي تقصدها مراجعات يعانين من آلام أمراض داء الشقيقة وعرق النساء والصداع النصفي، فإنه في
الوقت نفسه هناك مراجعات يأتينها لتخليص أجسامهن من الدم الفاسد حيث أنهن لا يعانين من أي مرض.

وتؤكد أم محمد أن للحجامة فوائد كثيرة منها منع (الجلطة، والضغط، والسكر، وتصلب الشرايين، والذبحة)، وتستخدم أم محمد في عمل الحجامة (الكؤوس الزجاجية، والموس والكلينس والديتول والقطن والجرائد)، وهذه الأدوات التي تشتريها من الصيدلية.

آلية الحجامة
وذكرت أم محمد أن آلية الحجامة تتمثل بشفط المكان المؤلم بالكأس الزجاجي، وبعد تحديد المكان تقوم بتخديره ثم العمل على تشريحه بالموس، وبعد ذلك إرجاع الكأس لمكانه ليخرج الدم الفاسد بالضغط، فتصبح عملية تفريغ هوائي، ويكون التشريح بتخديش الجلد بعد أن يخدر بالموس، وبذلك يخرج الدم الفاسد، لافتة إلى أن المرأة وأثناء الحجامة ستشعر بقليل من الألم وعند الانتهاء من التحجيم تقوم بمزاولة جميع أعمالها وليس هناك من محذورات سوى منعها من تناول بعض الوجبات الغذائية مثل الموز والكرزات والألبان واللحوم ليوم واحد فقط بعد عمل الحجامة.

وتابعت قائلة: "بعد الانتهاء من الحجامة أقوم بتعقيمهن وتطيهرهن بالمواد المطهرة والمعقمة"، مشيرة إلى أن كمية الدماء التي يتم سحبها من المرأة أقل من الرجل بسبب خروج الكثير من الدم الفاسد مع الدورة الشهرية والنفاس.
ولا يقتصر عمل الحجامة، بحسب أم محمد، على منطقة الظهر وحسب؛ بل وتشمل أيضاً منطقة الرأس، وخلف الإذن إذا كانت تعاني من مرض (الشرجي) وكذلك حجامة المتن.

في حين أنها تتجنب إجراء الحجامة للحامل والتي تعاني من فقر الدم.

مواقف محرجة
وتعرضت أم محمد طيلة عملها بالحجامة للكثير من الموقف المحرجة، كحالات الإغماء التي تتعرض لها بعض النساء نتيجة هبوط الضغط، ومنها أن امرأة كانت تعاني من الصرع وأثناء العملية جاءتها نوبة الصرع، فانتشر الدم داخل الغرفة ورمت الكؤوس، فتوقفت عن الحجامة إلى أن هدأت ثم أكملت عملها، كما تقول.
وتتذكر أم محمد أن من جملة الحالات المرضية التي عالجتها، هناك 15 امرأة كانت تعاني من انزلاق الفقرات وسد الشرايين، وبعد عملية الحجامة لهن أصبحن بصحة جيدة، وبذلك استغنين عن العملية الجراحية التي كن بصدد إجرائها.

وقاد نجاح أم محمد وزوجها في عملهما إلى ذيوع اسمهما في المديرية والمديريات المجاورة.
وبحسب أم محمد، فإن يوم الجمعة لا تتم الحجامة فيه، "لأن هناك ساعة فيه تكون الحجامة فيها منهية، ولأننا لا نعرف هذه الساعة على وجه التحديد، لذلك فإننا لا نحجم في هذا اليوم مطلقاً"، مؤكدة أن إقبال كثير من النساء، وخاصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لزيادة المصابات بمرض (داء الشقيقة) وخاصة عند الشابات غير المتزوجات بسبب الحالة النفسية والاجتماعية والاقتصادية، حيث يشكون عند مراجعتي من ألم الرأس المستدام رغم صغر أعمارهن، أو انزلاق الفقرات، فأقوم بعمل حجامة لكل فقرة من الفقرات.

النساء اللائي يقصدن أم محمد لغرض الحجامة لا يقتصرن على شريحة دون أخرى، فحتى الطبيبات وزوجات مسئولين قصدنها بهدف الحجامة، لافتة إلى أن الأجور التي تتقاضاها بسيطة جدا.​