> تقرير/ سليم المعمري

ضباط: نطالب الحكومة الشرعية بتنفيذ اتفاق الرياض القاضي بصرف المرتبات

معتصمون: سنصعد في حال لم يتم الاستجابة لمطالبنا

نصب ضباط وصف ضباط وجنود خيامهم أمام قصر "معاشق" بمديرية صيرة (كريتر) في العاصمة عدن، في اعتصام مفتوح لمطالبة الحكومة الشرعية بصرف مرتباتهم التي تم إيقاف صرفهما خلال الثلاثة الأشهر الماضية، وأشهر أخرى خلال الأعوام الماضية.

وطالب العديد من الضباط المعتصمين في أحاديث لـ«الأيام» الحكومة الشرعية بتنفيذ اتفاقية الرياض والتي وقعت عليها في الرياض والقاضية في البند الأول منها بتسليم الرواتب للموظفين وفي مقدمتهم المنتمين للسلكين العسكري والأمني.


ويفترش الأرض ضمن المعتصمين ضباط برتبة لواء لا تتجاوز مرتباتهم الشهرية الـ 37 ألف ريال، بحسب إفادات تحصلت عليها «الأيام»، في الوقت الذي يتحصل فيه العسكري المستجد على 60 ألف ريال.

وبدأ الاعتصام المفتوح أمس الأول، بنصب ثمان خيام، أمام قصر "معاشق"، الذي تقيم فيه الحكومة الشرعية، وسيبلغ عددها - بحسب أحد الضباط - إلى 200 خيمة، مع التصعيد في الخطوات التي منها قطع الطريق المؤدية إلى القصر الرئاسي في حال لم يتم الاستجابة لمطالب المعتصمين.
11 شهراً
يقول العقيد ركن زاهر علي قاسم، وهو ضابط بدائرة المشتروات في وزارة الدفاع: "نحن هنا في هذا الاعتصام للمطالبة بالحصول على أبسط حقوقنا والمتمثلة بالرواتب التي تم إيقافها خلال هذا العام وهي 3 أشهر (سبتمبر إلى نوفمبر) من قِبل الحكومة الشرعية في مخالفة واضحة لاتفاقية الرياض القاضية في بندها الأول صرف المرتبات.

وأوضح قاسم أن الأسباب وراء إيقاف الرواتب يعود إلى مكايدات سياسية مما انعكس سلباً على الأفراد والضباط.

ولفت في حديثه لـ«الأيام» إلى أن "حكومة أحمد عبيد بن دغر السابقة لم تصرف هي الأخرى راتب شهري سبتمبر وأكتوبر من عام 2016م، وكذلك لم تصرف رواتب ستة أشهر متتالية من يوليو إلى ديسمبر من عام 2017م؛ أي أن إجمالي الرواتب التي لنا لدى الحكومة 11 شهراً"، مؤكداً أنه وزملاءه تحملوا خلالها الأمرين، هو ما دفع بهم مؤخراً إلى الخروج للاعتصام أمام قصر "معاشق" في مدينة كريتر للمطالبة بصرفها، والتصعيد في حال لم تلقَ مطالباتهم استجابة من قِبل الحكومة.
حياة معيشية صعبة
وشاطرهُ القول عقيد ركن محضار محمد السعدي، وأضاف: "الرواتب هي العامل الأساسي لتجاوز الحياة المعيشية الصعبة، فضلاً عن متطلبات الأسرة الكثيرة، وعلى الرغم من كل هذا والذي يقابله انخفاض الرواتب لجأت الحكومة بتأزيم الحالة من خلال إيقاف الرواتب بشكل متعمد".


وأوضح بأن لدى البنك المركزي مبالغ موجودة ضمن أي ميزانية، وعدم صرفها من الحكومة يعد محاولة تركيع منها لتلك القوات الجنوبية، كما تعد هيانة لتضحياتهم في هذا البلد.

وعبّر السعدي عن انزعاجه لتجاهل الحكومة لمطالبهم بالقول: "أسلوب التهميش والتعمد من قِبل الحكومة الشرعية بعدم التجاوب مع الهيئة العسكرية هو نوع من اللامبالاة وأسلوب الإذلال للقوات المساحة، وهذا أمر مرفوض وفقاً لما تنصه القوانين، ووفقاً لاتفاقية الرياض، فالأوضاع سيئة ينالها الجندي والعسكري حيث أصبحوا لا يستطيعون تناول وجبة الأرز بل إن من الصعوبة الحصول عليه،، كما أن هناك جرحى غير قادرين على التحرك، ولهذا فأي تأخير يعني مزيداً من المعاناة، وبالتالي قد يتفجر الوضع مجدداً على الرغم من أن اتفاقية الرياض من أهدافها الرئيسة هي تهدئة الشارع من خلال صرف رواتب الموظفين".

وقال يحيى منصور يحيى اليافعي، وهو عسكري بالقوات الجوية: "لي منذ 11 عاماً لم استلم راتبي، ونحن أصحاب أسر وحالتنا المادية صعبة للغاية في ظل الغلاء في المعيشة"، مشيراً إلى أن ما تمارسه الحكومة بهذا الخصوص هدفه هو إخضاع وتركيع أفرد وضباط هذه القوات".
العيش بوجبة واحدة
نجيب محمد ناجي مثنى، وهو من أبناء عدن، موظف في وزارة الداخلية بخدمة 25 عاماً، تسببت الأحداث الأخيرة بتوقيف راتبه من قِبل الحكومة كغيره من الموظفين في السلكين العسكري والأمني.


يقول مثنى: "أصبحنا حالياً نُعاني من أزمة كبيرة؛ بل إننا في بعض الأحيان نتناول وجبة واحدة في اليوم وأحيانا لا نجدها"، مطالباً في السياق من الحكومة بالقيام بواجبها أو تقديم استقالتها وترك الأمر لأصحاب الكفاءات والكوادر القادرة على قيادة البلاد بحنكة واقتدار؛ لانتشال الشعب مما هو فيه بعد أن أضحى البعض منهم يبحثون عن الأكل في القمامات.

وتابع قائلاً: "الشعب مظلوم وإذا لم تصرف الشرعية الرواتب بحسب اتفاقية الرياض خلال أيام قليلة سوف نصعد إلى أن نحصل على حقوقنا الأساسية".
معاناة كبيرة
رائد رشاد علوي، مساعد أول في التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع، تحدث هو الآخر عن معاناته جراء توقف صرف المرتبات بالقول: "قطع رواتبنا على مدى ثلاثة أشهر من هذا العام، ومن قبلها 9 أشهر، بمعاناة كبيرة علينا وعلى أفراد أسرنا"، مضيفاً: "عمري حالياً 50 عاماً ولهذا أصبحت غير قادر على العمل لتوفير لقمة عيش كريمة لأطفالي، وهو ما يعني أننا سنواجه الموت جوعاً فيما الحكومة متمتعة بحياتها في قصر (معاشق) وآخرون في الفنادق".
الاعتصام مفتوح
بدوره، تحدث نائب رئيس الهيئة العليا العسكرية للجيش الجنوبي والمتحدث الرسمي لها، العميد ناجي العربي، عن أسباب تنفيذهم للاعتصام وأهدافه بالقول: "نحن في هذه الوقفة الاحتجاجية والاعتصام ضمن إطار برنامج تصعيدي بدأ في 11 أكتوبر من أمام معسكر التحالف العربي في عدن ومكاتب الأمم المتحدة وكلها من أجل صرف رواتبنا، وجميع هذه الوقفات نفذت نتيجة إيقاف الرواتب ومعاقبة الجيش الجنوبي والممتد من سياسة صنعاء منذ 90 وما بعد اجتياح الجنوب في 94م، وإلى اليوم من قِبل الحكومة الشرعية".


وأضاف: "الاعتصام مرهون بتجاوب الحكومة وبتنفيذ كافة المطالب ضمن اتفاقية الرياض الذي يدعو إلى الشروع المباشر في صرف الراتب، ولكن للأسف إلى الآن لا يوجد أي صرف للرواتب وهذا يُعد خرقاً لاتفاقية الرياض، وهذا يعني أننا سنستمر حتى تلبية متطلبنا وأولها الصرف الفوري لرواتب الشهور من سبتمبر إلى نوفمبر من هذا العام ودفع رواتب شهور الأعوام السابقة".

وواصل حديثه لـ«الأيام» قائلاً: "بدلاً من أن يُكرم هذا الجيش أصبح يذل؛ بل يسعون جاهدين إلى تركيعه وتغيير قناعته الوطنية المؤيدة لخيارات شعبه المتطلع للاستقلال وتقرير مصيره وبناء دولته"، مؤكداً بأن توقيف الرواتب مؤخراً وهو أحد أساليب العقاب التي استخدمها نظام عفاش سابقاً ولم تنجح.


ولفت العربي إلى أن هناك قرارات رئاسية صدرت وقضت بتحسين أوضاع الآلاف من الجنود المنقطعين والمتقاعدين؛ ولكن لم تنفذ بحجة لا توجد براءة مالية، في الوقت الذي يتم فيه العبث بالمال العام لشراء الذمم وزرع الفتن وغيرها، مضيفاً: "نحن الآن بصدد المطالبة بإصدار قرارات جديدة وتسوية أوضاع الجنود المبعدين قسراً والمنقطعين الذين لم تشملهم القرارات الرئاسية السابقة في الجيش والأمن وعددهم لا يقل عن 100 ألف، وقد التقينا بهذا الخصوص بالكل ابتداء بقيادات التحالف العربي والمحافظين ولكن كلها وعود لم تنفذ".
وعود كاذبة
يقول العميد عبدالكريم قاسم شائف، عضو بالهيئة العسكرية للجيش الجنوبي: "مطالبنا تتمثل بصرف مرتباتنا التي وعدت بها الحكومة حسب اتفاقية الرياض، ومرّ على عودة الحكومة إلى عدن أكثر من أسبوع وحتى اليوم لم تصرف المرتبات ولم تنفذ القرارات، وكل ما يجري هو إهدار الأموال في البذخ وتوزيعها إلى مأرب وتعز".


وتابع حديثه لـ«الأيام» قائلاً: "الناس كلهم عندهم مسؤوليات واستلزامات أسرية، والكثير منهم أصبحوا يخافون على أولادهم من الالتحاق بالتنظيمات المتطرفة، في الوقت الذي يتم فيه دفع إكراميات للمناطق في مأرب وكل المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي، فيما نحن وأبناؤنا نقتل كل يوم ونحن من حررنا الجنوب وحالياً نحرر مناطق شمالية، وما زلنا أيضاً أوفياء مع التحالف العربي".

وأكد شائف أن الاعتصام سوف يستمر وستزيد المخيمات إلى 200 مخيم خلال الأيام القادمة بعد أن بدأت بـ 8 مخيمات، مع التصعيد بغلق الطريق إلى المعاشق في حال لم يتم تنفيذ المطالب الحقوقية المشروعة.


وأضاف الجندي مثنى سعيد: "نحن هنا نفترش الأرض للمطالبة بحقوقنا وحقوق أسر الشهداء التي أبت الحكومة إلا أن تكبدنا ويلات الجوع".
مكايدات سياسية
فيما يقول العميد صالح الناخبي، وهو مدرس سابق في الكلية الحربية: "بعد عام 2004م تم فصلنا عن العمل نتيجة لمكايدات سياسية لا ناقة لنا فيها ولا جمل سوى أننا نعمل لهذا الوطن، وفي عام 2013م تم إعادتنا بقرار جمهوري رقم (49)، وتفاءلنا حينها بتسوية أوضاعنا ومنحنا مستحقاتنا لكن مع الأسف ما تم هو أشبه ما يكون بنقلنا من (زريبة إلى زريبة أخرى) ولم يتم إعادتنا إلى وحداتنا السابقة".

وتابع الناخبي في حديثه لـ«الأيام»: "القرار يقضي بإعادتنا للعمل ولكن ما جرى تنفيذه هو العكس؛ حيث نزولنا من رتبة العميد إلى العقيد وما زال الوضع على ما هو عليه من بعد 2015م، والأكثر إيلاماً أنه تم إعادتي للعمل ولكن بدون راتب في الوقت الذي أعيل فيه أسرة ولدي مسئوليات كثيرة".


وأضاف متسائلاً: "هل الحكومة تريدنا نلجأ إلى السرقة أو الخرج إلى الشارع لمد أيدينا للناس في الوقت الذي تشتري فيه ذمم وشخصيات من أموالنا المكدسة في البنك؟"، مؤكداً في السياق أن مطالباته وزملائه بحسب الدستور وقانون الخدمة، وأن مشاركته في الوقفات الاحتجاجية هدفه من خلالها الحصول على حقوقه لا شيء آخر.

وقال: "خرجت إلى هنا لكي أموت بالميدان ولا أن أموت داخل بيتي، فإذا كانت الشرعية لا تستطيع حل قضيتنا فيتوجب عليها أن تقدم استقالتها، فالتحالف العربي أعطانا المال والرجال ولكن الشرعية مع الأسف تشتري بهذه الأموال الذمم والولاءات، بل إننا لم نرَ أي من المسؤولين يسعى لخدمة الوطن، فمعظمهم مجرد سماسرة".

وأكد الناخبي بأنه جاء للمشاركة في الاعتصام للمطالبة بالحقوق لا لمواجهة أحد أو لتخريب الوطن.