> تقرير/ خاص
يستيقظ عبدالجبار فجراً كل يوم، رغم تقدمه في السن وتدهور صحته، يسابق بساقين نحيلتين وحذائيين مهترئين طلوع شمس الصباح، مؤمناً بأن الاستيقاظ مبكراً يجلب الرزق ويباركه، في عمل دائم ومستمر، متحدٍ في ذلك ركاكة جسمة وضعف بصرة، فكل همه هو توفير ولو جزءاً من أساسيات الحياة الضرورية لأفراد أسرته.
وأجبرت الظروف المادية الصعبة، التي تشهدها المدينة بسبب الحرب التي تعيش عامها الخامس، الكثير من أبناء المحافظة باللجوء لممارسة أعمال أخرى كمصدر رزق حتى وإن كانت لا تتناسب مع أعمارهم وتخصصاتهم.
يعمل الحاج عبدالجبار، الذي يوشك أن يتم عاه الواحد والثمانون، في محل صغير بأحد الشوارع الرئيسية في مدينة الحديدة، في إصلاح الأجهزة المنزلية، ولديه ثلاثة أبناء اثنان يعملان معه في المحل ذاته وثالث رحل باحثاً عن فرصة عمل بعد أن قتلت الحرب الحياة في المدينة وتراجعت كثيراً فرص العمل فيها نتيجة لنزوح الآلاف من السكان.

█ العمل أو الموت جوعاً
ويؤكد عبدالجبار، أن الظروف المادية والاقتصادية الصعبة هي التي أجبرت الكبار قبل الصغار على العمل من أجل توفير لقمة العيش.
ويضيف في حديثه لـ "الأيام": "إيجار المحل والبيت ومصاريف الأسرة وغلاء المواد الغذائية.. ويقولون لي اجلس قدك شيبه.. وإذا ما خرجت أدور بعد لقمة عيالي سيموتون من جوع".
يُعاني الحاج عبدالجبار من ارتفاع الضغط والقلب ويعيش على أدوية يومية، يقول إنه يستيقظ بصعوبة مجبراً من أجل خمس فتيات، فالأوضاع المعيشية جعلته يكافح رغم تقدمه في السن.
فيما خرج المواطن سامر وهو أحد كبار السن في المدينة إلى سوق "المطراق" كل يوم من أجل بيع البطاطس لزوار السوق، يرفض سامر الإفصاح عن سبب خروجه للعمل بهذا السن واكتفى بالقول: "اللي بيجلس في البيت بيموت جوع".

بينما يأتي الحاج عياش بدراجته النارية كل خميس من مديرية زبيد للعمل في المدينة حتى نهاية الأسبوع، ليتمكن من توفير الأشياء الضرورية لأحفاده الأربعة الذي يُعاني والدهم من حالة نفسية.
يبلغ عياش خمسة وستون عاماً، ولا يملك سوى دراجة نارية ومنزلاً في زبيد، وما يستطيع فعله هو توفير ما يسد رمق من يعولهم.
█ أسباب متعددة
تنتشر عمالة كبار السن بكثرة في محافظة الحديدة وكل مدن البلاد، لاسيما في السنوات الأخيرة بعد اندلاع الحرب وإغلاق المؤسسات وتوقف الرواتب.
الدكتور منصور القدسي، وهو أكاديمي في جامعة الحديدة يشير إلى أن السبب الرئيسي وراء انتشار ظاهرة عمالة كبار السن هي الحاجة والجوع والفقر وصعوبة توفير لقمة العيش، خصوصاً بعد أن فقدت الكثير من الأسر من يعولها بفعل الحرب.
█ نساء في الأسواق
حكاية عبدالجبار لا تفرق كثيراً عن الحاجة آمنه التي تحرص أن تكون مع أشيائها البسيطة في ساحة إحدى المدارس حتى تتمكن من بيعها. وآمنه أرملة وأم لفتاتين يدرسن في نفس المدرسة، تعمل في بيع المقرمشات والحلويات في بسطة صغيرة في ساحة المدرسة بعد أن أخذت الإذن من مديرتها.
وتحرص الحاجة آمنة، وهي (سبعينية العمر) أن توفر لابنتيها ولو جزءاً من ضروريات الحياة، وتقدمها في السن لم يعيقها من الكفاح وتوفير متطلبات أسرتها في عمل مستمر.

وباتت الأسواق الشعبية تكتظ بالنساء من مختلف الأعمار لكن الأغلبية منهن كبار في السن.
سوق المراوعة في المدينة أضحى أكثر الأسواق التي تظهر به المرأة المسنة بوضوح، وأصبحت الأكلات الشعبية كاللحوح والكدر والمقليات والخبز والخضروات، مصدر رزق الأكثرية، فيما قلة من اللواتي يعملن في بيع الملابس وأشياء أخرى.
تتواجد النساء في هذا السوق طيلة أيام الأسبوع لكن الجمعة يكثر تواجدهن ومن مختلف قرى وعزل المنطقة.

█ كفاح لمجابهة الغلاء
قصص خروج تلك النساء للأسواق بذلك السن، تشترك في وجع واحد، هو الكفاح ومحاربة موجة الغلاء التي باتت تعصف بالبلاد، وفقدان الكثير من الآباء والأمهات لوظائفهم وانقطاع الرواتب وغياب من كانوا يعيلون هذه الأسر، إما في الجبهات أو قتلوا في سنوات الحرب أو مرضى لا يقدرون على العمل.
أسواق مدينة الحديدة ومديرياتها تعكس مدى وجع سكان المدينة وثمن الحرب التي انعكست في قصص كفاحهم.
ارتفاع الأسعار بشكل جنوني دفع الكبار قبل الصغار للخروج والعمل بأشغال متنوعة ومختلفة، خوفاً من الجوع الذي اتسعت رقعته في المدينة، لاسيما في سنوات الحرب.
أرصفة الشوارع والجولات والأسواق وحتى أزقة الحارات، والطرقات أضحت تكتظ بالباعة من فئة كبار السن، تتنوع أعمالهم ما بين بيع الشاي وقلي الذرة الشامية والبطاطس وبيع العصائر والماء البارد وبيع الملابس وألعاب الأطفال.
█ الحاجة
حنان العبسي وهي معلمة تقول: إن صورة تواجد كبار السن في سوق العمل، أكان رجال أو نساء، يدمي القلب ويوحي بحالة العوز التي يعيشها هؤلاء المسنون والحاجة التي دفعتهم للعمل في سن متقدم.
وتضيف في حديثها لـ "الأيام": "في البلاد هذه الكل يكافح حتى المسنون والعجزة أجبروا على الخروج.. الكل أصبحوا مكرسين كل جهدهم وطاقاتهم لتوفير لقمة العيش، والكبار في أول الصفوف.. الكل يعمل من أجل ألّا يجوع".
فيما تؤكد هالة، البالغة من العمر 18 عاماً، بأنه لولا كفاح والدتها لما استطاعت هي وشقيقاتها مواصلة تعليمهن.
وأجبرت الظروف المادية الصعبة، التي تشهدها المدينة بسبب الحرب التي تعيش عامها الخامس، الكثير من أبناء المحافظة باللجوء لممارسة أعمال أخرى كمصدر رزق حتى وإن كانت لا تتناسب مع أعمارهم وتخصصاتهم.
يعمل الحاج عبدالجبار، الذي يوشك أن يتم عاه الواحد والثمانون، في محل صغير بأحد الشوارع الرئيسية في مدينة الحديدة، في إصلاح الأجهزة المنزلية، ولديه ثلاثة أبناء اثنان يعملان معه في المحل ذاته وثالث رحل باحثاً عن فرصة عمل بعد أن قتلت الحرب الحياة في المدينة وتراجعت كثيراً فرص العمل فيها نتيجة لنزوح الآلاف من السكان.

█ العمل أو الموت جوعاً
ويؤكد عبدالجبار، أن الظروف المادية والاقتصادية الصعبة هي التي أجبرت الكبار قبل الصغار على العمل من أجل توفير لقمة العيش.
ويضيف في حديثه لـ "الأيام": "إيجار المحل والبيت ومصاريف الأسرة وغلاء المواد الغذائية.. ويقولون لي اجلس قدك شيبه.. وإذا ما خرجت أدور بعد لقمة عيالي سيموتون من جوع".
يُعاني الحاج عبدالجبار من ارتفاع الضغط والقلب ويعيش على أدوية يومية، يقول إنه يستيقظ بصعوبة مجبراً من أجل خمس فتيات، فالأوضاع المعيشية جعلته يكافح رغم تقدمه في السن.
فيما خرج المواطن سامر وهو أحد كبار السن في المدينة إلى سوق "المطراق" كل يوم من أجل بيع البطاطس لزوار السوق، يرفض سامر الإفصاح عن سبب خروجه للعمل بهذا السن واكتفى بالقول: "اللي بيجلس في البيت بيموت جوع".

بينما يأتي الحاج عياش بدراجته النارية كل خميس من مديرية زبيد للعمل في المدينة حتى نهاية الأسبوع، ليتمكن من توفير الأشياء الضرورية لأحفاده الأربعة الذي يُعاني والدهم من حالة نفسية.
يبلغ عياش خمسة وستون عاماً، ولا يملك سوى دراجة نارية ومنزلاً في زبيد، وما يستطيع فعله هو توفير ما يسد رمق من يعولهم.
█ أسباب متعددة
تنتشر عمالة كبار السن بكثرة في محافظة الحديدة وكل مدن البلاد، لاسيما في السنوات الأخيرة بعد اندلاع الحرب وإغلاق المؤسسات وتوقف الرواتب.
الدكتور منصور القدسي، وهو أكاديمي في جامعة الحديدة يشير إلى أن السبب الرئيسي وراء انتشار ظاهرة عمالة كبار السن هي الحاجة والجوع والفقر وصعوبة توفير لقمة العيش، خصوصاً بعد أن فقدت الكثير من الأسر من يعولها بفعل الحرب.
█ نساء في الأسواق
حكاية عبدالجبار لا تفرق كثيراً عن الحاجة آمنه التي تحرص أن تكون مع أشيائها البسيطة في ساحة إحدى المدارس حتى تتمكن من بيعها. وآمنه أرملة وأم لفتاتين يدرسن في نفس المدرسة، تعمل في بيع المقرمشات والحلويات في بسطة صغيرة في ساحة المدرسة بعد أن أخذت الإذن من مديرتها.
وتحرص الحاجة آمنة، وهي (سبعينية العمر) أن توفر لابنتيها ولو جزءاً من ضروريات الحياة، وتقدمها في السن لم يعيقها من الكفاح وتوفير متطلبات أسرتها في عمل مستمر.

وباتت الأسواق الشعبية تكتظ بالنساء من مختلف الأعمار لكن الأغلبية منهن كبار في السن.
سوق المراوعة في المدينة أضحى أكثر الأسواق التي تظهر به المرأة المسنة بوضوح، وأصبحت الأكلات الشعبية كاللحوح والكدر والمقليات والخبز والخضروات، مصدر رزق الأكثرية، فيما قلة من اللواتي يعملن في بيع الملابس وأشياء أخرى.
تتواجد النساء في هذا السوق طيلة أيام الأسبوع لكن الجمعة يكثر تواجدهن ومن مختلف قرى وعزل المنطقة.

█ كفاح لمجابهة الغلاء
قصص خروج تلك النساء للأسواق بذلك السن، تشترك في وجع واحد، هو الكفاح ومحاربة موجة الغلاء التي باتت تعصف بالبلاد، وفقدان الكثير من الآباء والأمهات لوظائفهم وانقطاع الرواتب وغياب من كانوا يعيلون هذه الأسر، إما في الجبهات أو قتلوا في سنوات الحرب أو مرضى لا يقدرون على العمل.
أسواق مدينة الحديدة ومديرياتها تعكس مدى وجع سكان المدينة وثمن الحرب التي انعكست في قصص كفاحهم.
ارتفاع الأسعار بشكل جنوني دفع الكبار قبل الصغار للخروج والعمل بأشغال متنوعة ومختلفة، خوفاً من الجوع الذي اتسعت رقعته في المدينة، لاسيما في سنوات الحرب.
أرصفة الشوارع والجولات والأسواق وحتى أزقة الحارات، والطرقات أضحت تكتظ بالباعة من فئة كبار السن، تتنوع أعمالهم ما بين بيع الشاي وقلي الذرة الشامية والبطاطس وبيع العصائر والماء البارد وبيع الملابس وألعاب الأطفال.
█ الحاجة
حنان العبسي وهي معلمة تقول: إن صورة تواجد كبار السن في سوق العمل، أكان رجال أو نساء، يدمي القلب ويوحي بحالة العوز التي يعيشها هؤلاء المسنون والحاجة التي دفعتهم للعمل في سن متقدم.
وتضيف في حديثها لـ "الأيام": "في البلاد هذه الكل يكافح حتى المسنون والعجزة أجبروا على الخروج.. الكل أصبحوا مكرسين كل جهدهم وطاقاتهم لتوفير لقمة العيش، والكبار في أول الصفوف.. الكل يعمل من أجل ألّا يجوع".
فيما تؤكد هالة، البالغة من العمر 18 عاماً، بأنه لولا كفاح والدتها لما استطاعت هي وشقيقاتها مواصلة تعليمهن.