> عبد الستار الشميري
بعد الأيام الدامية في الحجرية والجرائم البشعة الممتدة التي آخرها الإعدام والتمثيل بالشهيد أصيل الجبزي والذبحاني وغيرهما، وبعد كل هذا الفجور من جماعة الإخوان، وبعد رفض كل الحلول التي تعرض على حزب الإصلاح في تعز سواء عبر السداسية في الرياض أم عبر البرلمانيين والسياسيين للخروج من المأزق الذي أدخلت جماعة الإخوان تعز فيه، وصار الأمر إلى هذا الشتات والاحتراب داخل الجغرافيا المحررة. كل الحلول تتجمد ويفشلها الإخوان تباعا برغم أنها في نصوصها وفصوصها تصب في مصلحة تعز وصالح الحزب المنبوذ شعبيا.
وفي ظل الحرب وأفقها المسدود بأي خِيار سياسي عام، ستظل تعز إلى سنين ممتدة في هذا الاستنزاف لأفضل شبابها، وليس هناك من انفراج قريب.
ويظل السؤال المكرور من الأغلبية الصامتة: إلى متى نظل في هذه الحلقة المفرغة؟ وأين دور نخبة تعز ورجالاتها وأحزابها في وضع أفكار خارج الصندوق؟
ومن هذا السؤال نحاول طرح فكرة سبق أن أشرنا إليها، ربما هي الممكن الوحيد كفكرة خارج صندوق المتداول، وهي بإيجاز، أولا وثانيا وأخيرا. يجب تدارك الأمر من بعض النخبة المهمومين بالوطن من المؤمنين بالمدنية والمدركين لمخاطر جماعات الله وأحزابه بكل أسمائها، والذهاب بخطوات مدروسة نحو اصطفاف يجمع الشتات القوى الفاعلة.
وهذا الأمر هو سبق إصرار على العبث بالجيل القادم وصياغة شخصيته، وهو أمر أصبح بيد جماعات العنف التي تعبث بعقول الشباب من خلال المخيمات الصيفية والكتب الصفراء وملازم الهراء، فضلا عن تحويل المدارس إلى ثكنات لغسيل الأدمغة، من خلال توظيفه عسكريا ببعض الرواتب التي تأتي من قطر كممون لهذا المشروع.
إن الجغرافيا التي بيد الحوثي هي ولاية إيرانية خالصة تدار بالقوة والعنف والموت، وبالمقابل فإن دويلات مثل مأرب وتعز التي يسطر عليها الإخوان تقدم نموذجا سيئا لأي محافظة تتحرر، وتفقد التحرير حاضنته الشعبية وتقدم تصرفات تشبه ما عند الحوثيين في المحافظات غير المحررة.
ولأجل ذلك كله، ليس لنا من خِيار غير توحد القوى الوطنية وفي طليعتها المؤتمر والاشتراكي والناصري والمستقلون والفاعلون من كل التيارات المدنية لمواجهة ومجابهة مشروع الإخوان والحوثي معا والالتحام بالشارع وصناعة اصطفاف نوعي ضد جماعات الدين بكل تفصيلاتها، اصطفاف مدني عريض فاعل. ليس الأمر مجرد طرح تنظيري، إنه اليوم ضرورة ماثلة كي نبقى أحياء بشيء من كرامة ومع أبسط حقوق الإنسان.
وأعتقد أن طرح الأفكار والرؤى لهذا الاصطفاف هو البداية التي تحتاج أن يرافقها التنسيق والإعداد بصورة عاجلة، وهناك من الفرص الكثير لإقامة اصطفاف كهذا.