على مر الأزمنة والعصور تظهر إبداعات نماذج متفردة بما لديها من ملكات عطاء لا تضاهى في الإتقان، بتنوير رباني يفتح فضاءات العقل، بقدراته التي لا حدود لها. هكذا يستوقفنا شعر الشاعر العراقي بدر شاكر السياب بفرط موهبته التي احتار أمامها النقاد وبسنوات عمره التي لم تتخطَ العقد الثالث. رحل السياب وبقي عطاؤه المتميز محط اهتمامات الأدباء والنقاد.

حين فاجأني رحيل الشاب الأديب الشاعر رائد عبد الله محسن القاضي، عدت لمعرفة سيرة حياته منذ وقت مبكر من عمره. ما أدهشني سطوع نجمه في المهد من خلال مسابقات كان فيها الفقيد رائدا في المقدمة، وحصد مرارا وتكرارا المركز الأول في المسابقات، وتفوقه الدراسي. ربما لم يحالفه الحظ في زيادة الاهتمام بما أنتجته قريحته الشعرية من إبداع متميز. لم يكن يعلم أن يد المنون المباغتة سوف تقتطف عمره، وهو لم يغادر بعد عقده الرابع من العمر.

رحل الشاب الممتلئ عطاء دون الذاكرة المبدعة الغضة، هكذا بغته الأمر الذي ترك حسرة في نفوس كثيرين ممن توقعوا له الوصول إلى ذروة التميز.

وفق قراءتي لسيرة حياته، لم أجد إلا ديوان شعر منجز، أعني "رماد البروق".

بنكهة عطاء مدهشة، امتاز فيها شعره، الذي لفت اهتمامات الأدباء والكتاب بلغة ومفردات تدل على سعة خيال، وقراءات مكثفة. إنه بحق نيزك الشعر المتألق الذي هوى في لحظة الإشراق.

وحبذا أن تُجمع بعض مدوناته الشعرية، إن وجدت، حتى تضاف إلى سجل أعماله.

وفي الختام، لا نجد إلا أن نعزي أنفسنا والوسط الأدبي برحيله، وأصدق تعازينا لأهله وذويه، فتلك مشيئة الرحمن في عباده.