ظُلُمَاتٍ ثَلاث

قالَ الله تعالى: ((خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ)) [الزمر:6]
لَقَد وردَ في التّفاسيرِ أقوالٌ كثيرةٌ حولَ المرادِ بالظلمات الثلاث، وتذكر معظم التفاسير بإنها: "ظُلمَةُ الرَّحم، وظُلمَة المشيمة، وظُلمَة بَطنِ الأم" إلا أنَّ مذهبَ أبي عبيدة يقول: "إنَّها ظُلمَةُ بَطنِ الأمِّ، ورحمِها، وصلبِ الرَّجل".

ومما يُستفادُ من هذه الآيةِ الكَريمَةِ علميًا:
أنَّه لكي يتمّ الخلقُ كاملًا، قويًا، دون تَشَوُّهٍ أن يتمَّ ذلك في جَوٍّ مظلمٍ، فَالخلايا الابتدائية لا تعيشُ في نورِ الشمس، بل تجفُّ، أو تتشوَّه، أو تموت.

ففي الآية تعليمٌ للبشرِ بمراحلَ خلقِ الإنسان، فلا بد من وجود البيضةِ في ظُلمَة المبيض، ونُطفَة الذَّكرِ في ظُلَمة خَصية الرَّجل، ولا بد من وجود وسط استنبات يشبه وسط الرَّحم وأن يكون في ظُلمَة، وهذا ما يحدث حاليًا بعملية زراعةِ الأنابيبِ.

هذا غَيضٌ من فَيضٍ مما تشير إليه الآية الكَريمة من معانٍ سبقت الطبَّ الحديثَ بعشرات من القرون بيانًا وعلمًا وحكمةً.

قال العالم الغربي المشهور (موريس بوكاي): "هل لكم أن تُخبروني مِن أينَ جاء محمد بهذا العلمِ الحديثِ، وقد أكدّتم أنفسكم يا علماءَ الغربِ والشرقِ، وبعد محاورات طويلة عبر الزمن أن ما جاء منسوبًا للتوراة والإنجيل جاء مناقضًا للعلم الحديث ومفاهيمه، فطرحتموه جانبًا تاركين أمره لخيال المؤمنين وأهل الأديان، فمن أين لـ محمد هذا العلم".

فسكت الجميع وليس ثمَّةَ مجيب..

قال تعالى: ((وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ )) [الذاريات:21]