> واشنطن «الأيام» إلينورا أردماغني*:
توازنات مجلس القيادة الرئاسي في اليمن
تؤكد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الدور الذي اكتسبه القادة غير النظاميين في المؤسسات اليمنية بسبب الحرب، ما يدفع البلاد باتجاه مرحلة جديدة من التوازنات.
> نقل الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، في 7 أبريل الماضي، صلاحياته إلى مجلس القيادة الرئاسي المؤلَّف من ثمانية أعضاء، الذين أدوا اليمين الدستورية في 17 من الشهر نفسه، في عدن خلال الهدنة التي امتدت شهرَين في مختلف أنحاء البلاد. يرأس هذا المجلس مستشار الرئيس اليمني هادي، رشاد العليمي، الذي بات يمتلك، من خلال رئاسته للمجلس، سلطة على الجيش وحقًا في تعيين المحافظين ومناصب أساسية أخرى، ونصّ الإعلان الرئاسي الذي أصدره هادي على إنشاء هيئة مصالحة وفرق قانونية واقتصادية.
يكشف المجلس الرئاسي المعيّن حديثًا في اليمن، النقاب عن المسار الذي تسلكه البلاد، فالجمع بين مسؤولين ينتمون إلى مؤسسات معترف بها دوليًا وبين قادة مجموعات مسلّحة يتمتعون بشرعية على الأرض وسيطرة ميدانية يؤدّي إلى زيادة الطابع المتباين والمختلط لتركيبة القادة اليمنيين إلى أقصى حدوده، لكنها مع ذلك، ليست سمة جديدة في اليمن فقد بات الخلط بين قوات الدفاع النظامية وغير النظامية أمرًا مألوفًا بعد انتفاضة 2011 ومع بداية الصراع الحالي المستمر منذ أواخر العام 2014، ومع تعيين المجلس الرئاسي أصبحنا الآن أمام إقرار سياسي هرمي بهذه التركيبة من خلال الاستيعاب الرسمي للكيانات السيادية المختلطة التي تحكم البلاد بفعل الأمر الواقع. نتيجةً لذلك تُبقي تركيبة المجلس الرئاسي على مكانة اللاعبين النظاميين وغير النظاميين وتؤكد مسار مرحلة التوازنات ما بعد المختلطة في اليمن.
- أفول السياسيين والقادة الوطنيين
ويفسح المجلس الجديد المجال لصعود شخصيات قيادية، شمالية وجنوبية على السواء، من كنف مجموعات ذات أصول عسكرية، وكذلك صعود قادة محليين وقادة على مستوى المحافظات ولكن سيكون العائق الأكبر في اليمن هو دمج القوى الصغرى المتنافسة في مشهد سياسي وطني ومتماسك.
- مجلس تمثيلي إنما غير متماسك
لسوء الحظ، وعلى الأرجح، لن تتبدد الخلافات السياسية بين أعضاء المجلس بشأن السيطرة على الأراضي وترتيب هرم القيادات، إضافة إلى ذلك لاتزال الخصومات المحلية قائمة، فقد تمكّن عدد كبير من أعضاء المجلس، مثل المحافظَين النافذَين في مأرب وحضرموت، من فرض مناطق سيطرة على الأرض بحكم الأمر الواقع، من خلال الاستعانة بشبكات عسكرية واقتصادية سيكون من الصعب دمجها في إطار وطني تكتسي مسألة الدعم الإقليمي أهمية محورية أيضًا، ما يضع عائقًا إضافيًا في الطريق نحو التماسك السياسي مثلا، مارست السعودية التي تسعى إلى تنفيذ استراتيجية للخروج العسكري من اليمن ضغوطًا قوية كي يقوم هادي بنقل السلطة إلى المجلس وتقدّم الرياض دعمًا كاملًا للدور القيادي الذي يتولاه العليمي لكن واقع الحال هو أن كثرًا من أعضاء المجلس تربطهم علاقات مهمة بالإمارات العربية المتحدة لأن أبو ظبي تقدّم الدعم لقواتهم العسكرية بالنسبة إلى العليمي يُشكّل بناء شكل من الإجماع السياسي بين أعضاء المجلس الخطوة الأولى -وهي خطوة بالغة الصعوبة- لإشراك الحوثيين في مفاوضات من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وهذا يعطي أملا بأن يقود في نهاية المطاف إلى وضع حد للحرب.
- مرحلة ما بعد التوازنات المختلطة في اليمن
* عن مركز كارنجي للشرق الأوسط
* إلينورا أردماغني باحثة مساعدة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI) ومساعدة تدريس في جامعة ميلانو الكاثوليكية.