> صالح البيضاني:
مازلت مصرّا على أن أفضل فرصتين لتحقيق سلام حقيقي في اليمن، تمثلتا في مؤتمر الحوار الوطني الشامل (2013) ومشاورات الكويت (2016) وهما الفرصتان اللتان انقض عليهما الحوثي في اللحظة الأخيرة وأحالهما إلى ركام من أوهام الحل السياسي السلمي في اليمن.
بعد جولات فاشلة من مساعي تحقيق السلام في اليمن امتدت بين عامي 2013 و2017 توصل الفاعلون الدوليون إلى حقيقة مفادها أن لا سلام سهل يمكن أن يقطفوا ثماره دون إشباع غرور الطرف الأكثر وحشية في الصراع (الحوثي) والمضي قدما في إطعام هذا الوحش من فتات التنازلات المنتزعة عنوة من الطرف العاقل في هذه الحرب والمتمثل في الحكومة اليمنية.
بعد جولات فاشلة من مساعي تحقيق السلام في اليمن، توصل الفاعلون الدوليون إلى حقيقة مفادها أن لا سلام سهل يمكن أن يقطفوا ثماره دون إشباع غرور الطرف الأكثر وحشية في الصراع.
أراد المجتمع الدولي كما يبدو سلاما لا يقوم على استعادة الشرعية اليمنية لسيطرتها على المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلاب، كما جاء في القرارات الدولية المتصلة باليمن، وأراد تمرير صيغة غرائبية وغير واقعية للسلام تقوم على مبدأ قبول الشرعية بنتائج الانقلاب، وتقديم المزيد من التنازلات التي جعلت الأزمة اليمنية أكثر تعقيدا في نهاية المطاف، وتركت المجتمع الدولي عاجزا عن تحقيق أي تقدم في صراع يدور في حلقة مفرغة من الاتفاقات والحروب.
قبل أيام استضافت الحكومة الهولندية بقصر السلام في لاهاي لقاءات ضمت سياسيين وناشطين يمنيين، في الوقت الذي كان فيه رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي يستقبلون في الرياض مسؤولين دوليين رفيعي المستوى يبدو أنهم في مهمة عاجلة لانتشال جهود السلام من حالة انهيار محققة، نتيجة التعنت الحوثي الذي يأتي في أعقاب كل موافقة حوثية مبدئية على مسودة اتفاق سلام سرعان ما يتبعها الحوثيون بسيل من المطالب الجديدة.
والحقيقة الماثلة من خلال قراءة وتحليل طبيعة التحرك الدولي لحل الأزمة اليمنية هي أن رهانات وسطاء السلام الدوليين تتمحور حول سياسة انتزاع التنازلات من "الشرعية" اليمنية، وتشجيع الحوثي على تذوق حلاوة السلم، لإنقاذ جهود التسوية المفترضة التي لا تلوح في أفق الأزمة اليمنية الملبدة بسحب صراع أكثر فتكا وأكثر تحررا من قيود العقلنة التي فرضها تواجد أطراف إقليمية عديدة فاعلة في هذا الملف، سعت لضبط إيقاع المتحاربين اليمنيين، وتوشك الآن أن تغادر المشهد، نتيجة حالة من التململ والتعاطي مع الحاسبات التي فرضتها تحولات المشهد الإقليمي والدولي المتسارعة.
"العرب"