> "الأيام" القدس العربي:

​يقول يوئيل غوزنسكي، الباحث الإسرائيلي في الشؤون الإستراتيجية، في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، إن إدارة الرئيس بايدن وضعت لنفسها هدفاً طموحاً جداً، وهو الوصول إلى تطبيع في العلاقات بين إسرائيل والسعودية. ويقول أيضاً إن الجدول الزمني الذي تعمل عليه الإدارة الأمريكية مضغوط، مرجّحاً أن الهدف هو الوصول إلى اتفاق في الخريف، قبل الدخول في الحملات الانتخابية للرئاسة الأمريكية.

ويعلل يوئيل غوزنسكي تقديره بأن طموحات بايدن عالية جداً، بالقول إن المطالب السعودية طويلة ومهمة بالنسبة إلى الأمريكيين، وأيضاً بالنسبة إلى إسرائيل.
ويستذكر يوئيل غوزنسكي أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وضعَ هدف الوصول إلى اتفاق مع السعودية خلال الجلسة الأولى لحكومته الحالية. منوهاً بأن لإسرائيل مصلحة واضحة في تقوية العلاقات مع السعودية، وتحويلها إلى علنية، لأنها الدولة القائدة اليوم بين الدول العربية، وأيضاً بسبب مكانة المملكة كـ “حارسة الأماكن المقدسة للإسلام”. كذلك التقدير، برأيه، هو أن اتفاقاً مع السعودية سيمنح دولاً إضافية في العالم الإسلامي، كأندونيسيا مثلاً، شرعية أكثر بكثير، حتى لو لم تكن مُطلقة، لإقامة علاقات مع إسرائيل.
  • ماذا ستربح السعودية من الاتفاق؟
رداً على هذا التساؤل، يرى يوئيل غوزنسكي أن للسعودية أيضاً مصلحة في تحسين العلاقات مع إسرائيل، وذلك بالأساس بسبب الأرباح التي تستطيع جنْيها من الولايات المتحدة نتيجة لذلك. لكنه ينبه إلى أن التقديرات تشير إلى أن العلاقات المستقبلية مع السعودية ستجري استناداً إلى نموذج مختلف عن نموذج اتفاقيات أبراهام: المسار سيتقدم بصورة أبطأ، وفي مجالات مختلفة عن العلاقات مع الإمارات والبحرين مثلاً، وذلك بسبب الحساسية والمميزات الخاصة بالمملكة.

ويضيف: “منذ وقت طويل، يدير السعوديون محادثات مع الأمريكيين بشأن مطالبهم من الولايات المتحدة في مقابل خطوة باتجاه إسرائيل. هذه المطالب تتضمن بالأساس ضمانات أمنية أمريكية، وحتى الوصول إلى اتفاق دفاع رسمي بين الدولتين، تريده السعودية بشدة. هذا بالإضافة إلى أن السعوديين قدموا للإدارة “قائمة مشتريات” لأسلحة أمريكية متطورة، ومن ضمنها الطائرات المقاتلة المتطورة. وفي النهاية يرغب السعوديون أيضاً بمساعدة أمريكية في إقامة بنية تحتية نووية مدنية في المملكة، تتضمن القدرة على تخصيب اليورانيوم”.
  • مصالح إسرائيل
ويعتقد يوئيل غوزنسكي أنه يجب ألا تعارض إسرائيل قيام اتفاق دفاع بين الولايات المتحدة والسعودية، على العكس؛ لإسرائيل مصلحة، ليس فقط في أمن المملكة، بل أيضاً في زيادة الالتزام الأمريكي حيال الحلفاء في المنطقة. ولكن بشأن كل ما يخص التزويد بأدوات قتالية متطورة، يرى يوئيل غوزنسكي أنه على إسرائيل التأكد من أن الموضوع لا يُلحق الضرر الكبير بالتفوق العسكري النوعي الخاص بها، عليها أن تطلب تحسين قدراتها.

ويمضي يوئيل غوزنسكي في حسابات المرغوب والممنوع بالقول إنه، في النهاية، الموضوع الأكثر حساسية، دخول السعودية إلى النادي النووي، فهو قضية كبيرة، ويمكن أن يكون له إسقاطات بعيدة المدى في مجال الانتشار النووي في المنطقة، حتى لو كان الحديث يدور حول برنامج مدني، وبرقابة أمريكية. وعن التبعات السلبية المحتملة، برأيه، فإنه يمكن أن تطلب دول أُخرى في المنطقة أيضاً قدرات تخصيب يورانيوم في مناطقها، حتى الدول التي تنازلت عن ذلك في مقابل مساعدة في المجال النووي، كالإمارات. ويتابع: “أكثر من ذلك؛ للسعوديين تاريخ إشكالي في المجال النووي والصواريخ، وفي المستقبل غير البعيد، يستطيعون تأميم مصنع تخصيب اليورانيوم، كما فعلوا سابقاً مع شركة أرامكو”.
  • القضية الفلسطينية لم تعد بالأهمية نفسها
كذلك يتساءل يوئيل غوزنسكي؛ ماذا عن المطالب السياسية؟ وعن ذلك يقول إن التقديرات هي أن القضية الفلسطينية لم تعد مهمة، كما كانت سابقاً بالنسبة إلى السعودية، لكنها لا تزال مركزية من أجل التقدم والحصول على شرعية عربية وإسلامية لخطوة كهذه.

 ويضيف: “لكن، على عكس ما يتمنون في إسرائيل، سيطلب السعوديون خطوات عملية لمصلحة الفلسطينيين، سيكون من الصعب على إسرائيل القيام بها، بسبب تركيبة الحكومة الحالية”.

وعن “الطموح الأمريكي العالي”، يقول يوئيل غوزنسكي إنه رغم الأثمان المركزية للتطبيع التي يطلبها السعوديون من الولايات المتحدة، فإنهم بحاجة إلى تقديم إنجاز وثمن من إسرائيل في السياق الفلسطيني، يستطيعون طرحه على أنه إنجاز يساهم في تحقيق فكرة حل الدولتين، كتجميد البناء الاستيطاني، وتحويل أراضٍ إلى السلطة الفلسطينية، وغيرها.
وضمن استبعاده التقدم في التطبيع مع السعودية، يخلص يوئيل غوزنسكي إلى القول إن هذا في وقت قد يكون من الصعب على السياسة الإسرائيلية في الساحة الفلسطينية خلق ظروف مريحة للتقدم في القناة الإسرائيلية- السعودية في الوقت الحالي.
  • تنازلات للفلسطينيين
يشار إلى أن صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية قد استبعدت هي الأخرى التطبيع مع السعودية في المنظور القريب، بقولها، يوم السبت الماضي، إن أي اتفاق تطبيع محتمل بين السعودية وإسرائيل سيتطلب من هذه الأخيرة تقديم “تنازلات كبيرة إلى الفلسطينيين في المناطق المحتلة” (ليس تسوية القضية الفلسطينية)، ولكنها في الوقت عينه، أكدت أنه من غير المرجح أن يتم ذلك في ظل حكومة بنيامين نتنياهو الحالية المتشددة.

وأضافت الصحيفة أن إسرائيل تدرك تماماً أن السعودية لن تكتفي بوعد من نتنياهو بأنه لن يضم الضفة الغربية، بل ستطلب، بدلاً من ذلك، اتخاذ إجراءات مهمة على الأرض. وأشارت إلى أن مثل هذه الخطوات من غير المرجح أن تحظى بموافقة العناصر اليمينية المتطرفة في حكومة نتنياهو، وأن الضغط في مثل هذا الاتجاه قد يؤدي إلى انهيارها.

وبحسب الصحيفة، أعلن قادة المعارضة الإسرائيلية أنهم لن ينضموا إلى ائتلاف مع نتنياهو، بسبب محاكمته الجارية بتهم فساد، ولكن ظهرت أسئلة في المناقشات مع الأمريكيين عمّا إذا كان قادة المعارضة سيُظهرون ليونة في الموقف، إذا كان ذلك يعني إقامة علاقات دبلوماسية مع السعوديين.

شملت المطالب الأُخرى التي طرحتها الرياض، بموجب ما قالته الصحيفة الأمريكية، اتفاقية دفاع مشترك مع الولايات المتحدة، على غرار دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) ووفقاً لها، تكون واشنطن ملزمة بالدفاع عن السعودية في حال تعرُّضها لهجوم. بالإضافة إلى ذلك، تريد الرياض تطوير برنامج نووي مدني، وهو مطلب لطالما عارضتْه واشنطن وتل أبيب.

كما أشارت تقارير سابقة إلى أن السعودية تطالب أيضاً بأن يكون لديها القدرة على شراء أسلحة من واشنطن أكثر تقدماً، مثل منظومة الدفاع الصاروخية المضادة للصواريخ البالستية. في المقابل، تريد الولايات المتحدة من الرياض تقديم حزمة مساعدات غير مسبوقة للمؤسسات الفلسطينية في الضفة الغربية، وتقليص علاقاتها المتنامية مع الصين، والمساعدة في إنهاء الحرب الأهلية في اليمن.